مقومات اقتصادية مهملة.. قطاعات تنتظر الانطلاق الاقتصاد السوداني … خطوات نحو التعافي
سوداني نت
كبلت السياسات الحكومية في السودان طوال العقود الثلاثة الماضية، القطاعات الاقتصادية، إلى حد خرجت فيه بعضها عن دائرة الإنتاج، وتضاءلت مساهمة عدة قطاعات في الاقتصاد القومي، مع محاولات شكلية لإصلاح الوضع دون جدوى بسبب افتقارها للجدية والعلمية.
وبعث التغيير في المشهد السياسي وما سيتبعه من تغييرات جذرية في السلطة الحاكمة، الآمال مجدداً في إمكانية استنهاض اقتصاد الدولة التي ما تزال تصنف مع دولتين أخريتين بأنها “سلة غذاء العالم”.
منطقياً.. تبدو الفرصة سانحة أمام الاقتصاد السوداني للتعافي والنمو، ويدعم تلك الفرضية وجود مقومات هائلة في عدد من القطاعات الاقتصادية، تحتاج لسياسات رشيدة وإدارة سليمة، وتبدو الحكومة الجديدة مدعوة بجد لنفض الغبار عن ثلاثة قطاعات اقتصادية، يأتي في صدارتها استخراج الذهب، والزراعة، والثروة الحيوانية، وهي قطاعات مرجو منها تحسين اقتصاد دولة عانت لثلاثة عقود من عقبات عديدة، ذاتية وموضوعية.
في مجال التعدين، ينتج السودان 130 طناً من الذهب سنوياً بحسب أرقام الحكومة السابقة، لكن مختصين يقولون إن الإنتاج الحقيقي يتجاوز 250 طناً، يهرب 70 بالمائة منها مما يفقد الخزينة العامة نحو 7 مليارات دولار سنوياً، وهو مبلغ كافٍ لسد العجز في الميزان التجاري.
ويتنامى تهريب الذهب في السودان سنوياً بسبب السياسات الحكومية التي يتبناها البنك المركزي، حيث يفضل المنتجون والمعدنون التقليديون بيع إنتاجهم لجهات غير رسمية تنشط بدورها في تهريبه، مع كون أن قطاع التعدين في السودان لا ينحصر في الذهب فقط، حيث توجد معادن أخرى بكميات هائلة لم يطلها الاستكشاف بعد، ومعادن أخرى توقف فيها الاستشكاف بسبب الحرب في ولاية النيل الأزرق، مثل الحديد والكروم والنحاس والرمال البيضاء والأحجار الكريمة.
ويتوفر القطاع الزراعي في السودان على مائت مليون فدان صالحة للزراعة، 80% منها أرض بكر لم تستغل، فيما لا يتجاوز حجم المستغل منها فعلياً 20 بالمائة.
ويقول مختصون إن المقومات الزراعية المتوفرة بالسودان، “كافية لسد حاجة كل الأسواق العربية من المحاصيل والخضروات” شريطة استغلالها بشكل جيد.
قبل استعراض المقومات الزراعية المتاحة.
تجدر الإشارة إلى أن أول موازنة وطنية عقب الاستقلال في 1957م اعتمدت كليًا على “محصول القطن” كمورد وحيد، وأوفت إيرادات صادر القطن بكل بنود الموازنة، بل حقتت فائضاً من الإيرادات تم تحويله للموازنة التالية.
وبسبب ثراء الموارد الزراعية تنشط عدد من الدول العربية في الاستثمار الزراعي بالسودان، وأبرزها مشروع الراحجي بولايتي شمال كردفان والولاية الشمالية، وحققت مشروعاته نحاجاً لا تخطئه العين، حيث ينتج فدان القمح “61” جوالاً، يقابله 3 جوالات إنتاج المزارع المحلي الذي يعتمد على الزراعة التقليدية ويفتقر للتقانة الحديثة.
يقول وزير الزراعة الأسبق بولاية نهر النيل، بشير بساطي، إن إزالة القيود عن صغار المزارعين سيجعلهم قادرين على سد حاجة السوق المحلي من محاصيل الحبوب والخضروات، وتنفيذ مشروعات كبيرة للصادر.
وقال بساطي إن القطاع الزراعي يجب أن يتصدر اهتمامات الحكومة الجديدة، وحدد مطلوباته في: إعادة النظر في السياسات المنظمة للزراعة وإزالة القيود عن صغار المنتجين وتوفير التقاوي والتقانة الحديثة في عمليات الري والإرشاد الزراعي والحصاد، فضلاً عن تطبيق برنامج سلاسل القيمة الذي يهتم بجميع مراحل الزراعة من الحقل وحتى التسويق.
أما الثروة الحيوانية فيتوفر للسودان، نحو “107” مليون رأس من الماشية في إحصاءات تقديرية، منها ما لا يقل عن 30 مليون رأس من الضأن، 20 مليون رأس من الأبقار، مع مساحات شاسعة من المراعي الطبيعية وموارد المياة.
ورغم هذه المقومات، ظلت الثروة الحيوانية في السودان قطاعًا هامشياً في خطط الحكومات المتعاقبة، حيث تسيطر التقليدية على نمط تربية المواشي ولم تتجه الحكومات السابقة لإنشاء مزارع حديثة لتربية الماشية، وباستثناء مسلخ وحيد، تنعدم المسالخ الحديثة التي تساعد في تصدير اللحوم وفق المواصفات والاشتراطات الصحية العالمية، كما تفتقر البلاد للصناعات التحويلية التي يمكن الاستفادة من مشتقات الألبان والجلود التي تصدر كخام مما يفقدها القيمة المضافة.
وتعزو مديرة الإرشاد بوزارة الثروة الحيوانية، الدكتورة نجوى آدم يوسف، في حديث لــ”الصيحة” تدهور القطاع للإهمال الحكومي وعدم توفير الموارد اللازمة للتطوير، موضحة أن التقليدية التي ما يزال عليها القطاع تفقد الدولة سنوياً موارد لا تقل عن 6 مليارات دولار تتمثل في صادرات الجلود واللحوم والمواشي الحية، وقالت إن تغيير هذا الواقع رهين بتغيير السياسات التي تكبل المنتجين وتوفير التقانات الحديثة لهم خاصة في الأرياف وتوفير اعتمادات محددة لاستجلاب تقانات حديثة تساعد في زيادة الإنتاج.