سوداني نت:
الفاتح من يناير ٢٠٢٥ يصافحُ مجمعاً سكنياً قصياً بإحدى المنافي العربية، تهبط الطفلة عديلة ابنة الخامسة متدثرة بالصوف خوف لفحة الشتاء. عندما أطلت الشمسُ المخبوءة في خفر على الحديقة التي تتوسط البنايات، والتحقت الطفلة برفيقاتها يلعبون في مرحٍ لا يعرف عذابات العالم.
وعندما عادت إلى شقة والديها قالت لأمها بلثغة محببة: كانت الحديقة يا ماما هذا الصباح غريبة ومدهشة على غير المعتاد، كانت الشمس دافئة ورفيقة، وكان ماء النافورة صافياً وملوناً، وتفتحت الأزاهير زاهية وندية، ولأول مرة لم تخف العصافير مني، بل جثت تحت قدميّ وانشدت لحناً سودانيا كان يردده أبي دائما عندما يتذكر منزلنا بامدرمان.
هنا أطلقت الطبيبة السودانية اللاجئة زغرودة فضّاحة بحزن البشارات اخترقت الأمكنة والمسافات، فهرع السكان من الشرفات المواجهة متسائلين: مبارك! ما الذي حدث يا سمراء؟ فأجابت بنبرة ودودة من بين الدموع الغزيرة التي غطت الوجه الطيب: لقد بشرتني عديلة للتو بأن السودان قد عاد من جديد إلى خارطة الجغرافيا وسردية التاريخ.
أعزائي وأصدقائي وأهلي وأحبابي بالسودان والمرافئ البعيدة، وفيافي اللجوء، ومجمعات الايواء والنزوح، وملاذات أطراف المدن الجريحة (سلامات وكيف الحال ودبايوا وكل عامٍ وأنتم بخير)