سوداني نت:
في حواريها كنت أمارس البحلقة البصرية ، تستهويني بيوت الطين وتعرجات الازقة ورائحة التاريخ
المنبعثة من دهليز توفيق صالح جبريل في حي القلعة والباخرة البوردين المقابلة للطوابي وروحانية الذكر الصوفي في مسجد الشيخ قريب الله .
عندما كتبت كتابي أم درمان متحف الأصالة الذى صدر في العام 2005 كنت أتجول كدرويش في حواري أم درمان وقلت أن الكتاب كتب نفسه ، واعتذرت لبعض اصدقائي في مدن أخرى طالبونى أن اكتب عن مدنهم بنفس طريقة كتابتى عن أم درمان ، انها النظرة الأولي، الدهشة الاولي ، الحب الأول، وحبي لام درمان يسكننى من ملايين السنوات .
أمس وأبطال القوات المسلحة يحررون الإذاعة السودانية من الجنجويد، كنت أعيد شريط الذكريات ، ذكريات الطفولة والنشاة
في أم درمان .
ذكريات أول مرة أدخل فيها الاذاعة السودانية وأنا طفل صغير مع أبي الحاج شريف ساتي رحمه الله الذى كان مسؤولا عن قسم المخاطبة الجماهيرية وهو من الأقسام المهمة التي أنشاها الرئيس الاسبق الراحل جعفر نميري طيب الله ثراه .
ودخلت الاذاعة بعد ذلك صحفيا قبل (25 عاما) وكان أول شخص أتعرف عليه في مباني الاذاعة والتلفزيون هو الهرم الاعلامي الحبيب د. عمر الجزلي .
المليشيا سرقت ذكرياتنا في أم درمان والاذاعة
وكانت القوات المسلحة في الموعد وسطرت مع أبطال العمل الخاص والمستنفرين قصة بطولة وتحدى وعزم الرجال .
كانت بداية النصر الكبير منذ التقاء جيش كررى وجيش المهندسين وأمس كانت البطولة حاضرة في معركة تحرير الاذاعة التي سوف يخلدها التاريخ معركة جسدت التكتيك العسكرى والخبرة والقوة والشجاعة
مثلما حرر ابطال القوات المسلحة بيوت أم درمان بيت بيت وشوارعها حرروا الاذاعة أمس رجالة وحمرة عين .
جاء النصر مع مطلع شهر رمضان وهو شهر الفتوحات الاسلامية
عادت لام درمان ذاكراتها ورمزيتها التاريخية والمعركة أكدت من جانب أخر أهمية الاعلام .
بتحرير الإذاعة أختفت بسمة الحزن عن أم درمان وارتسمت على وجهها بسمة النصر .