سوداني نت:
مدخل :
نشأت القبيلة منذ العهد الأول للإنسان كمجوعات عرقية يجير قويها ضعفيها و يحتمي أفرادها بلوائها و تسطو على غيرها بغرض الاستحواذ على المرعى و المغنم و العز و الجاه …
اذ لم تكن ذلك الزمان دولة توفر الحماية و الرعاية للإنسان حتى يبلغ مأمنه و يحقق رغباته فأصبحت القبيلة هي الراعي الوحيد لأفرادها بوحدة قيادتها و قوة نفوذها و صرامة قانونها و انسجام تماسكها …
و السودان كغيره من الرقعة العربية و الأفريقية عرف النظام القبلي قبل تكوين الدولة و على امتداد وجودها خلال النظم السياسية المختلفة …
فتطورت القبيلة من نظام مجتمعي يوفر الأمن و يحقق الرغبات الى نظام مجتمعي يتعايش مع غيره في ظل حماية القانون و نظام الدولة …
ثم جاء عصر الاستعمار ليستغل القبيلة و يحولها إلى قوة موالية له تأتمر بأمره و تخضع لسلطانه كنظام إداري يتنزل بالمطلوبات إلى الفرد و الارض …
و من بعد الاستعمار أصبحت هي أداة الأحزاب السياسية للوصول الى السلطة و الولوج الى العز و السلطان و اكتناز الأموال …
فهل يمكننا تحرير القبيلة من الاستغلال السياسي و التسخير الحزبي إلى رحابة الإنتاج البشري و المادي ؟؟؟
بعد حرب ابريل اصبح لزاما على الدولة السودانية ان تنظر في قانون الإدارة الأهلية لتنقله من قانون يرتبط بالعرق و الارض الى قانون يسخرهما ( الارض و العرق ) للإنتاج النوعي و الكمي …
فالنظام القديم كان جزءا من الحرب و عاملا من عوامل التخلف في كافة ضروب الحياة إذ مكن العنصرية و الإقطاعية على حساب الإنتاج و التطور …
يمكننا تنظيم القبيلة على أساس بطونها و فروعها و مؤسساتها التنظيمية الحديثة دون ربط ذلك بالحواكير و تجزأة الوطن على مبدأ العرق …
و الوسيلة الحقيقية الى ذلك هي الترقية الحضرية للقرى و تحويلها الى مدن متخصصة الإنتاج و تفعيل نخب القبيلة و مثقفيها في إدارة وعي متكامل ينتقل بها للمساهمة العامة و تحمل أعباء الدولة و المجتمع …
و بدلا من الاحتكارية و القلة الإدارية التي ورثها النظام القبلي من الإنجليز و عهود اللادولة يمكننا توسعة مظلة إدارة القبيلة افقيا و راسيا بجعل العمدة ( العميد ) على مستوى البطون او الأفخاذ ثم اختيار ناظر واحد على كل مجموعة من العمد و يعتلي كل ذلك مجلس النظار للقبيلة الواحدة ليكون مصدرا للتشريع و النفاذ و الرقابة …
هذا التسلسل الهرمي يقضي تدريجيا على علتين اثنتين عانى منهما المجتمع السوداني ؛ هما علة تسلط الفرد على القبيلة و علة استغلالها السياسي وفي المقابل الإيجابي يزيد من الوعي و يرتقي و يوسع المشاركة فيسمح بحرية الفكر و تعدد الانتماء الحزبي …
ليس ذلك فحسب و انما يزيد أيضا من فاعلية القبيلة الإنتاجية و يضمن لها الاستقرار و النماء بل و يحولها إلى مجتمع متصاهر تنتهي عنده تماما مظاهر القبيلة بشكلها العصبي و العنصري …
ونواصل