د. عبدالكريم محي الدين: الخارطة و الخطورة في خطاب النائب الأول
سوداني نت:
تناقلت مواقع الإنترنت و الوسائط الاجتماعية بأن سعادة النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق اول محمد حمدان دقلو سيلقي خطابا للشعب السوداني ( كافة ) و توقعنا ان يحمل الخطاب مفاجآت و معلومات كانت تحت ( الطاولة ) و آن أوان رفعها أعلاها …
توقعنا ان يطل علينا سعادته بنفس العفوية و الصراحة المعهودة لديه فيصيب بها من يشاء و يطيب بها ما يشاء و يعطب بها من يشاء دون مشيئة منه و لكنها مشيئة الله اجراها على لسانه …
و لكنه فاجأنا بخطاب مكتوب و لغة غير معهودة اكتتبها له من يجيد صناعة الكراهية و اثارة الوقيعة و الاصطياد في آثن الواقع المأزوم …
لم يوقف سعادة النائب في إيصال الرسالة الواردة في خطابه و يبدو أنه لم يكرر تلاوته مع نفسه تكرارا يقيه التأتأة و يضبط به اللغة فتستقيم المعاني …
محور الخطاب يدور حول اتهام النظام البائد بالوقيعة بين قوات النائب الأول و الجيش الوطني و أرى أن من كتبه كمن يغالط الناس في رؤية الشمس وهي ضحىً …
فقد فات على الكاتب أن القاصي و الداني يعلم أن المشكل الأساس بين الجيش و الدعم السريع تتمثل في الاتفاق الاطاري الذي أقر بوجود جيشين متوازيين تحت قيادة رأس الدولة المدني و ذلك حسب المادة ( 4-2) …
و معالجة هذا الإشكال إما بتعديل مواد الاتفاق تعديلا يجعل الدعم السريع تحت إمرة الجيش مباشرةً و إما بدمجه في القوات المسلحة و هذا ما لم يرتضه سعادة النائب الأول …
فالمشكل صنعه الاتفاق الاطاري و ليس الفلول و إلا يكون الفلول هم الذين وضعوا ذلك الاتفاق لخلق النزاع و تعميق الصراع مما يستبعده العقل و يرجع بالاتهام لمن صاغه و زرع تلك الألغام في ثناياه …
ما كان لسعادة النائب الأول ان يقبل بتلاوة خطاب يسخر منه هو شخصيا إذ جاء فيه ( أنا ابن بادية بسيط ) ( لم احظ من الدولة سوا عنفها ) ( لقد تعلمت في مدرسة الحياة ) فهذه الإقرارات انما هي انكسار داخلي لا يليق بمقام سعادة الفريق البتة …
و الخطاب الذي وجهه سعادته للشعب السوداني في مجمله يوكد أن النائب قد حدد عدوه و حدد نصيره و مصيره و جعل الاتفاق المذكور الية من آليات خارطة طريق المصير . و ذلك يخالف الحكمة و الحنكة و يجعل الجنرال حاضنةً سياسية و عسكرية لفريق معين من السياسيين دون الشعب السوداني فتصعب بذلك عودته زعيما عاما و يصعب اعلان ندمه مرة ً اخرى …
و الغريب في الخطاب أنه أقر دمج الدعم السريع في القوات المسلحة و لكنه اقترح جداول زمنية من جانبه هو فقط يحددها بعد أن يقع الفأس في الرأس و كأن سعادة النائب يخاطب بذلك أطفالا لا يعوا خطورة المخطط و عظم المسئولية …
اعتقد ان السيد النائب الأول وضع نفسه في مواجهة مباشرة لقوات الدعم السريع نفسها و ليس للجيش و معسكر المحافظين فقط و كان عليه استشارة ضباطه و عقلاء تلك القوات قبل استشارة السياسيين إذ أن بالدعم السريع كفاءات وطنية يعنيها الوطن أولا قبل مناصرة الفرقاء و الايدلوجيات و المطامع الدولية و ستظهر وطنية تلك الكفاءات عندما يحمى ( الكوع ) و يستهدف الوطن و ربنا يكذب ( الشينة ) …