سوداني نت:
ما يبعث الأسف في بلادنا أن تمارس السياسة من منطلقات شخصية و تمتهن للتكسب الذاتي و للبناء الحزبي و لا نصيب للوطن البتة في تعاطيها …
و المثال القريب و الأغرب أن المك عجيب الهادي المك ناصر زعيم قبيلة الجموعية و رئيس الإدارة الأهلية بولاية الخرطوم وقف بصلابة ضد الاتفاق الإطاري بحجة أن هذا الاتفاق يبعد الدين عن الدولة و يعطي القرار العدلي و القضائي لغير أهله …
هذا الموقف لم يرضه النائب الأول لرئيس المجلس السيادي سعادة الفريق أول محمد حمدان دقلو مما خلق تصادم بين الزعيمين ( المك و الفريق ) …
اثر هذا الاختلاف ذهب زعيم اخر لقبيلة الجموعية الى سعادة النائب الأول معتذرا عن ما بدر من ابن عمه الجموعي و ذكر للنائب أن المك عجيب لا يمثل الا نفسه …
ثلاثة مواقف تستدعي الوقوف عندها إذ أنها تمثل كيفية الممارسة السياسية تعطي موشرا حقيقيا لمدى وطنيتها التزامها بالمبادئ …
موقف المك عجيب ارتبط بالثبات على مبدأ الدين و صرح بذلك علنا حيث طالب بإلغاء الاتفاق الاطاري الذي يستبعد الدين الاسلامي من الحكم و يجعل علمانية الدولة اساسا دستوريا للبلاد و هذا موقف الشعب السوداني المسلم …
موقف السيد النائب الأول لرئيس المجلس السيادي اصابه كثير من التحول تجاه قضية الدين إذ أنه كان يرى ان الاسلام خطا احمر يجب ان يكون مصدر التشريع الدستوري و القضائي إلا أن سعادته وقف مؤخرا مع الاتفاق الاطاري ذي الاتجاه العلماني …
سعادة الفريق اول محمد حمدان دقلو يمثل الدولة في تعاطيها للسياسة و لا نعلم مدى جديتها و تكتيكها في لعبة الاتفاق الاطاري لكن ماذا يمثل موقف الطرف الآخر لقبيلة الجموعية الإشراف ؟
لا تفسير لما فعله وفد الجموعية الذي ذهب معتذرا عنها إلا تفسيرا واحداً فقط وهو السعي لطلب رضا القيادة السياسية و تسويق نفسه بديلا للمك عجيب الهادي …
و أغرب ما ذكره ذلك الوفد للنائب الأول أن المك لا يمثل إلا نفسه و أنه فرد من أفراد القبيلة فقط . ولا أعلم هل نسي وفد الجموعية أن عجيب هو رئيس الإدارة الأهلية بولاية الخرطوم و أنه قد أعطي سيارة من الدعم السريع اعترافا بزعامته للجموعية و قيادته للإدارات الأهلية بالعاصمة أم أن الوفد رأى ضعفا بقيادة البلاد فأراد تقوية ذلك الضعف بتلك البساطة الساذجة و الاستخفاف ؟
بلادنا تعج بالعجائب و لكن بيع الرحم و بيع المبادئ أعجب ما فيها ، إذ أن ذلك تغيير مجتمعي و أخلاقي عجيب وهو الان أساس الأزمة السودانية و الأساس الذي يقتضي التغيير العميق قال خالقنا واضع النواميس و القوانين : ( لهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ) …
فالاستقرار بكل أضربه ( سياسي ، أمني ، اجتماعي ، اقتصادي …) له أسس ( معقبات ) تحفظه من عقاب الله فلننظر ماهي …