سوداني نت:
ألقى اخوة يوسف أخاهم في غيابت الجب و الجب في اللغة العربية يعني القطع عن الأصل و بهذا المعنى يعني البئر التي ينقطع عنها و فيها الضو و الصوت وقد أكد الله تعالى هذا المعنى ب( غيابت الجب ) فيوسف في قعر تلك البئر لن يصله الصوت و لا يستطيع هو إيصاله لمن خارجها …
وهذا سجن انفرادي اراده له اخوته و أرادوا ان تكون نهاية اخيهم في هذا السجن المنقطع . و ذلك الحكم القاسي حتى لا يكون يوسف متربعا على عرش المحبة من ابيهم و على رئاسة الأسرة من بعد ذلك …
و لكن الله اخرجه من ظلمات البئر وما فيها ثم ادخله السجن مرة أخرى ليكون السجن له اضافة أخرى و نصر اخر إذ جعله العزيز بعد ذلك أمينا عاما لحكم مصر …
و برغم أن إخوة يوسف عليه السلام سامهوه أشد أنواع الظلم إذ سجنوه مع العقارب و الحيات ووحشة الظلمات إلا أنه عفا عنهم و أبت نفسه إلا أن يرفعهم إليه إلى مكانة الحلم و سمو الخلق الكريم فأخذتهم عظمته فسجدوا له و دانوا له بالطاعة و حسن الولاء …
و نفس ذلك المشهد يتكرر اليوم إذ تعرض البروفسور ابراهيم غندور إلى ظلم إخوته في هذا الوطن الواسع و إلى ظلم إخوانه في فكرة الدين و أسلمة الحياة …
في أواخر الإنقاذ و كان البروف وقتها وزيرا للخارجية إذ جهر بالحق من أعلى منصاته ، فانكر عليه إخوانه طريقة الجهر و توقيته فجردوه من وظيفته الدستورية و عزلوه عن مجالسهم . و لكنه لم يقابل ذلك إلا بالتسليم و الصمت الجريح ، و اعتزل الفتنة و لكأنه يحاكي انقطاع الصوت في غيابت الجب السحيق …
و عندما جاءت ساعة الإنقاذ و انكسر عودها و ذهب سلطانها لم يجد الانقاذيون إلا بروفسور غندور . لينفخ في حزبهم الروح و يغير ما كسره تيار الثورة و ليعيد لهم سطوة السلطان و عندها قبل الدكتور التحدي و اعتدل للمهمة كأن لم يصبه أذى ً أو لم يمسه الظلم العميق …
وورثت حكومة الفترة الانتقالية ظلم إخوان الدكتور غندور ، فرموا به في سجونهم و اتخذوا فيه نفس بهتان إخوانه بل جاؤوا له ببهتان إمرأة العزيز و لكن الله برأه بشهادة واحد من أهل الظالمين …
فخرج غندور من غيابت الجب مرة ثانية متخذاً حلم ابن يعقوب و عفوه و عظمة اخلاقه ، فما قال لإخوته و لإخوانه الظلمة إلا مقولة سيدنا يوسف و نبي الله محمد عليهما السلام : ( لا تثريب ) و دعا الى توافق سياسي كبير يعبر بالسودان الى بر الانتخابات الحرة و النزيهة …
هذه المواقف الرسالية من الدكتور ابراهيم غندور ابهرت العالم اجمع فتقاطرت الى منزله الحشود من جميع فئات المجتمع السوداني و من قبائله و مؤسساته الحزبية و منظمات مجتمعه المدني تبارك انتصار القضاء السوداني و تبارك عظمة الخلق السوداني و تبارك بقاء الحكمة في السياسي السوداني …
كيف لا تصدر من غندور هذه المواقف النبيلة وهو النقابي الفذ و الأكاديمي الخبير و السياسي الحكيم و الدبلوماسي الحاضر و الشيخ الورع و الرجل البشوش و الإنسان الرحيم …
هذه المواقف الرسالية بلا شك أظهرت فيه صفات الزعيم القومي و البشر الملائكي فقد تحرر الرجل من جميع مكبلات الحزب الضيقة و من متلازمة الجبلة البشرية و التي تجنح للانتصار الذاتي . فصار حرا طليقا فوق فضاء الوطن يدعوا للوفاق و للوحدة و للتسامي فوق الجراح …
و من وصلت به اخلاقه عزيزا لعرش الأعزاء تضاءلت دونه كل عروش الحكام و الشعوب فإن صار يوسف عزيز َ مصر فلا عجب ان يكون إبراهيم ُ يوسفَ السودان بعد كل تلك العجاف و بعد كل ذلك الظلم و السجون …