سوداني نت:
بعد تلك المشاهد و المواقف عبر تاريخ الشعوب عامة و تاريخ شعبنا السوداني خاصة أيقنت حق اليقين أننا ما زلنا مخدوعين في حقيقة استقلالنا و اتجاهات ثوراتنا …
فلا معنى الاستقلال تحقق بعد الجلاء و لا الثورات الشعبية على الأنظمة الوطنية المتحكمة بأمر المستعمر الحديث أنتجت ولو جزءا من أهدافها …
ونحن كغيرنا من الشعوب التي خضعت للاستعمار الأجنبي ما زلنا نعاني سيطرة المستعمر حتى الان و انه يتحكم في قرارنا الوطني و يوجه سياستنا و يمتلك ناصية تفكيرنا و يمتلك حتى عواطفنا و يجب ان نعترف بأن تلك هي حقائق و ليست ادعاءات …
و كل ثوراتنا التي مهرناها بدماء ابنائنا أدت أغراضها تماما في خدمة المستعمر كأنه هو الذي كان يخطط لها و يدير حبالها و لم نجن منها إلا مزيدا من صراعاتنا الداخلية و من له رأي خلاف ذلك فليراجع تاريخ ثوراتنا الشعبية و ما أنتجته …
لن ابسط تلك الوقائع لضيق المقام و لكنني الفت نظر القارئ الى الواقع بعد كل تلك المجاهدات من شعبنا المكلوم إذ أنه فجر عديدا من الثورات قبل و بعد ما يسمى بالاستقلال و كانت النتيجة مزيدا من التراجع الفكري و البنيوي و مزيدا من الجهل و التجهيل و مزيدا من الحروب و سفك الدماء …
و اكبر فرية صدقتها الشعوب المستضعفة بما فيها شعبنا هي فرية الاستقلال التي بموجبها سلم المستعمر راية الحكم لوكلاء عنه على مستعمراته السابقة و أمسك بمقاليد اللعبة السياسية في الحكم و الاقتصاد و بل المجتمع أيضا …
فالإمبراطوريات القديمة هي مازالت صاحبة السلطة حتى الان و هي التي تصنع سياسات الدول و الشعوب وهي التي تصنع الثورات و تختطفها ان لم تكن صانعتها و القوى الدولية الحديثة كلها تبني سياساتها على استغلال الدول الضعيفة و ليس هنالك استقلال بالمعنى الذي يحرر القرار ولو بصورة نسبية خاصة بعد مجيئ القطب الواحد و تحكم اليهود في الاقتصاد العالمي …
و الحكومات الممانعة لتلك السياسة ستجد نفسها هي ذاتها اداةً من أدوات الاستغلال الحديث و خير مثال لذلك نظام الإنقاذ في بلادنا و البعث في العراق و نظام القذافي في ليبيا و غيرها من الأنظمة التي خدمت الهيمنة الدولية من حيث تدري و لا تدري …
وحتى الدول التي شهدت استقرارا لم تكن مستقلة بذاتها إذ انها تدور في فلك الغرب تسوقها قوته طوع ارادتها بل و تشتري ثبات عروشها بجزية البترول و دفع فواتير الحروب المفتعلة و بالاستجابة الى شروط الطاعة و الولاء و ليس هنالك استقلال البتة خاصة في العالم العربي و الأفريقي …
و كلما احتفلنا باعياد الاستقلال ضحك علينا المستعمر بمزيد من الاستغلال و كلما أقمنا ثورة جاء و قطف ثمارها هو وحده و كلما نصبنا حاكما كان كما الثورات المسرورقة حتى أصبحت مناسبة الاستقلال وهما و أصبحت الثورات خما و سواقة فلا تصدقوا أنكم احرار أيها المستغلون و لا تصدقوا أنكم ثوار أيها المخومون و أما الحل ففيما يأتي .
ونواصل …