سوداني نت:
منذ ان تعالت أصوات بعض رؤساء الأحزاب السياسية بدعوة تتبنى الكراهية و الخطاب العنصري و تجنح الى التشفي و اعمال سلطة الدولة في خصومهم السياسيين ايقنت تمام اليقين ان السودان يساق بهولاء الى حرب أهلية تقضي على وجود الدولة و هويتها …
حكمت الإنقاذ السودان ثلاثين سنة و قد اشركت معها في إدارة الدولة كل ألوان الطيف السياسي يمينه على يساره و رغم ذلك لم تستطع الاستمرار وهي تمتلك نصيب الأسد في الحكم …
و الذي يظن انه سيحكم هذه البلاد منفردا أو متضامنا مع بعض الأحزاب و يقصي البعض الآخر و مهما اوتي من دعم دولي و مادي فهو واهم و غبي و صبياني لا يعرف الأبجديات من سياسة السودانيين …
ان الهتافيات التي أنتجها جهلاء السياسة إبان ثورة ديسمبر و دفعوا بها الى الشباب و الشابات البسطاء ستقضي على السودان كله ان لم يتداركها عقلاء شعبنا الصابر …
انها وضعت بعناية فائقة لتوليد و توريث العنصف بمدخل السياسة ثم نشره في المجتمع السوداني المتصالح مع نفسه و مع غيره و المسالم في كل أحواله …
فبالله ماذا يعني شعار ( الحل في البل ) غير السحق و السحل و الدواس و العراك و الاقتتال ؟ و ماذا تعني مقولة ( الشباب الراكب رأس ) غير انها دعوة للعصيان و الإصرار على الرأي و التمرد على أصول التفكير و المشورة و غير انها تربية سالبة لفصل الشباب عن الأسرة و المجتمع المحافظ …
شعارات كثيرة تدعو الى العنف و الجاهلية و الى عدم التفكير و استخدام العقل فشعار ( كل كوز ندوسو دوس ) هو شعار عنصري يثير الكراهية فيدعو الى قتال طائفة من الشعب السوداني دون أي سابقة قضائية أو تلبس بالجريمة و يدعو الى الانتقام و التعدي و يدعو الى تعطيل موسسات العدل و القضاء و بذلك يشيع الظلم و الغبن و يقسم الشعب الى طوائف يقتل بعضها بعضا …
( ما بنخاف ما بنخاف ) هي هاتفية خفيفة الكلمات عميقة الأثر النفسي بايقاعها السريع و لكنها تدعو الى التمرد و العصيان و تدعو الى عدم التفكير حيث أنها تخاطب العقل الباطني للشباب إذ إن لم يتمرد الشاب على العتيق من اصوله فهو جبان و خائف و خائر و اسير لتلك الأصول …
و غير هذه الهتافيات العامة هنالك أخرى تخاطب أفراد معينين كانوا رموزا في النظام السابق فتحكم عليهم باللصوصية و السرقة و الخيانة و تجارة الدين و تدعو لتصفيتهم و الاعتداء عليهم كما حصل لبعضهم و لبعض رجال الدين من الطرق الصوفية و من السلفيين …
ان المخطط المرسوم لضرب المجتمع السوداني و بعد مرور ثلاثة أعوام من الثورة يسير حسب الخطة فاليوم يعادى الجيش و تعادى جميع الأجهزة الأمنية و الشرطية فالجيش برغم من قيامه بالتغيير و شراكة المدنيين في الفترة الانتقالية إلا أنه لم يسلم من عداوتهم إذ أنه اصبح العدو الأول فحيكت له مؤامرة فض الاعتصام و مؤامرة قتل المتظاهرين و مؤامرة الانقلاب على السلطة و مؤامرة الاستيلاء على الاقتصاد و مؤامرة الإبادات الجماعية في دارفور …
و برغم مما جرى في تعديل قانون جهاز الأمن و المخابرات الوطني و برغم من تحجيمه و تدجينه و تسريح قواه الفاعلة إلا أن فاعليته المتبقية لم ترض السياسيين الجدد فأصبح هدفا لهم تارة يرموه بالنظام البائد و تارة يفتروا عليه الكذب ببعض الشائعات في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائط الميديا …
أما جهاز الشرطة فأصبحت تعلق عليه كل جرائم الاحتجاجات المصنوعة و المحبوكة و المفبركه و لم يكتفوا بمقولتهم المستفزة ( بوليس جرى ) بل زعموا أن الشرطة كلها تتبع للكيزان و البرهان و رموها بالفساد و الرشوة و طعنوا في قانونها و ممارساتها و كل ذلك لصناعة الكراهية ضد الشرطة و الأجهزة الأمنية تمهيدا لتفكيك الدولة السودانية …
اننا أمام مخطط يستهدف بلادنا بكاملها في أرضها و إنسانها و ثرواتها و للتصدي له علينا ان نتحلى بالحكمة و اليقظة و تحكيم العقل و نبذ الأنانية و الجهوية و القبلية و اعلاء قيمة الوطن و القيم الاجتماعية التي تحافظ عليه …
وقد يكون صحيحا ان بعض بني جلدتنا استغلتهم الدوائر الأجنبية في تنفيذ ذلك المخطط و لكن علينا ان نحتويهم و نعمل على إرجاعهم لوطنيتهم الخالصة بدلا من ان ننبذهم فيتلقفهم العدو لمزيد من التكتيك و التفكيك …
فلنكن جميعا عبيدا للوطن حتى لا يستعبدنا الآخرون و لتكن المصالحة حقيقية و ليكن إعمار البلاد هو الهدف و لتسقط جميع الأجندة الذاتية …