سوداني نت:
يعتبر تصريح الحكومة بشأن انخفاض التضخم فقاعة سياسية يتم تصنيعها جاهزة لإستخدامها عند اللزوم عند إنفجار الفقاعات الإقتصادية واحدة تلو الأخرى فقاعة سعر الصرف،فقاعة الطباعة، فقاعة الناتج المحلي الإجمالي وفقاعة (إطلاق) أكبر عملية إنكماش إقتصادي في التاريخ على مستوى القارة الإفريقية يشهدها السودان..هذه (الفقاعات) الإقتصادية هي منتج حصري لسياسات خبراء صندوق النقد الدولي ولأن آثارها إلتهابية حاده تعطى معها مكملات سياسية كفقاعة إنخفاض التضخم.
قبل عامين وصل التضخم الى 100% وهو معدل يطلق عليه التضخم (الجامح) وتكون محاولات السيطرة عليه مستحيلة،مالم يتم إتخاذ إجراءات وتدابير في (الدوائر) والقطاعات الإقتصادية(التابو) التي أوصلت الأزمة إلى هذه المرحلة. .وهو مالم تفعله الحكومة الإنتقالية وطاقمها الإقتصادي،بل مازالت محافظة على الدوائر المتسببة في الأزمة مع الدعم اللامتناهي لنشاطاتها…ومن خلال متابعتنا اللصيقة لقراراتها الكارثية لحظة بلحظة منذ (عامين) لم نندهش بالتضليل والتلاعب وتناقض (التركيب) في المعادلات الإقتصادية التي تتحدث عن إنخفاض (متوهم) في معدل التضخم، أو فقاعة زيادة الصادرات في تقارير البنك المركزي. .كلما اطلقوا بالوناتهم الهوائية كلما وقف السوق رافعاً هراوته الغليظة أمامهم،فالاسواق المحلية في نفس زمن إرتفاع أصوات الهتافات تخرج قائمتها للتضخم اللولبي وتخرس الألسن بزيادات جديدة في أصناف السلع الاستهلاكية تتحاشاها التقارير الرسمية، إبتداءا من الصلصة مروراً بالعدس والزيوت بأنواعها والسكر والبصل والصابون والألبان السائلة والجافة واللحوم..أسعار هذه السلع تزيد شهرياً بمعدل 20% وهو مايعكس التسارع المخيف لمعدل التضخم الذي وصل خلال عام إلى 440%في السقف الأدنى وتجاوز معدل 1000%في السقف الأعلى، هذه المعدلات الكارثية لا توجد لها اي اشتقاقات للحل حتى في بطون كتب الإقتصاد من سميث مرورا بكينز وماركس وانتهاءا بميلتون فريدمان (قضية التضخم بالتالي هي المزيج الذهبي الموجود في كونسورتيوم الذهب؟ النقد المفقود؟المنظومة الأمنية؟ )وهي تتطلب ممارسة الحفر الاركيولوجي ،مصحوبة بمراجعة عملية الإنتقال (بطرفكم)والتي تعكس توازنا سياسيا مخلا هو المحفز الرئيس للتضخمية، فأنتم أمام مسرح تكلفة( الفرصة البديلة)..فمن منكم سوف يستعير بيروقراطية (بارك )ومن منكم سيستعير صاحب كتاب (آسيا التي ستقول لا) . .غير ذلك يكون الحديث عن مفردة تضخم ليس إلا أضغاث أحلام، أو الإحالة بصورة دائمة لمجموع (32)مليون مواطن دخلهم الشهري مابين 20 إلى 30 ألف جنيه ليتكيفوا مع تكلفة معيشة تبلغ شهرياً 300 الف جنيه في حدها الأدنى. . ..
الطلب المفرط للعملة مازال نشط. .أيضا بعد3 أعوام من الإفراط في الطباعة مازالت العملية في حالة تأهب قصوى(ترقب وشيك) وإرتفاعات كبرى في القيم الضريبية والجمركية وإنكماش متواصل نتج عنه خروج جماعي للأعمال من الدورة الإقتصادية بلغت حد خروج صيدليات من العمل الدوائي لتصبح واجهات لأعمال السباكة وموضة أعمال (الفتة )،وقطاع الدواء لا ينبئك بمثله خبير من حيث شرارة الأسعار، فبأي منطق توصلتم لمعدل تضخم منخفض المسار؟ .
نأتي إلى التفسير الحقيقي لانخفاض معدل التضخم الذي جاء على لسان الحكومة بالطبع ليس له علاقة بالاقتصاد ولا طريقة إدارته وليس هو نتاج مخرجات إقتصادية. . لماذا تعلن الحكومة إنخفاض هو غير موجود؟
..ونقول أن التلاعب بإنخفاض معدل التضخم هو يعتبر تلاعب بالناتج المحلي الإجمالي لأن مؤشر أسعار المستهلكين(التضخم) يستخدم لتقليص مكونات الناتج المحلي الإجمالي الاسمي الخاضع لتأثيرات التضخم الشديدة الارتفاع (وهي حالة الإقتصاد الآن )حيث هناك علاقة عكسية بين التضخم والناتج المحلي الإجمالي. .لذا فأن تخفيض معدل التضخم أو الإيحاء بذلك وتأثيره العكسي على الناتج المحلي الإجمالي يمكن أن يوحي للمستثمرين بأن الإقتصاد أقوى مما هو عليه بالفعل. .
من ناحية أخرى عندما يتم تخفيض معدل التضخم ذلك يعني المزيد من تخفيض الإنفاق الحكومي بتقليصه وقطع الطريق تماما امام اي مساهمة للحكومة في النفقات المستقبلية، لذلك يتم ترجمة انخفاض معدل التضخم إلى انكماش في المدفوعات والتحويلات الحكومية بشكل أقل إلى قطاع المستهلكين الأعظم وذوي الدخل المحدود وبالتالي، نجد أن لذلك علاقة وثيقة للغاية بملفات الحكومة في صندوق النقد الدولي في موضوع مشاورات المادة الرابعة بين بعثة الصندوق وبرنامجها المراقب من الخبراء وصناع السياسات الإقتصادية في السودان وذلك في إطار اتفاقية الإستعداد الإئتماني الموقعة بين الصندوق والحكومة السودانية . .حيث يعكس إنخفاض معدل التضخم قضية المشاورات بين بعثة الصندوق والطاقم الإقتصادي المحلي في السودان خلال 2021،ومترتباتها من الحصول على القروض وتحسين السجل للنفاذ لقضية الديون.
قطعة سكر :
محترفو الإقتصاد لا يعتمدون معدل التضخم السنوي الأساسي لأنهم أمام (شعوبهم) أولا، وثانياً، لأنه لا يليق بعلم الإقتصاد ولا الاقتصاديين،ولكن فقط يستخدمونه في قاعات الدرس للطلاب.