سوداني نت:
إذا ما قرأ المرء التقارير والتقييمات الخاصة بموازنة 2021 وقارنها بمرجعية موازنة 2020 سيجد أن للموازنة مرجعية واحدة وتذكرة رحلة واحدة دون عودة عنوانها العريض صناعة إفلاس الدولة وصناعة العجز الحكومي الضخم. .ولكي تتخذ عملية الافلاس المسار الصحيح تبذل حكومة حمدوك وأعضاء الكابينة الإقتصادية النفخ في إطلاق فقاعات الأزمة والفريق الإقتصادي الذي يقدم تقارير مضللة فيصنع فقاعة الإنفاق الحكومي الردئ وفقاعة العجز الحكومي وفقاعة المصارف التي تقود المضاربات ضد العملةالمحلية حيث الإئتمان يقود المضاربات الكبرى في سوق العملات بقيادة (الخواص) الذين باتوا عاملا حاسماً في سحق العملة المحلية حتى أنهم افقدوها خاصية التعويم ولن تكون هناك إمكانية لوضع حواجز خرصانية تصد هذا النزول الكارثي الصاروخي للعملة الوطنية وأخطر مافي الطبخة السامة التي يقدمها الخبراء المزعومين إن الانخفاضات المصممة بعناية للعملة المحلية ستوجه ضربات رباعية صاروخية بدقة في هجمة نهائية يتم الآن حشد السياسات الإستراتيجية لها لتدمير اللاصق الحيوي للإقتصاد المتمثل في النمو الإقتصادي الذي تراجع بصورة مرعبة إلى سالب( 8.4 )في مشهد إنكماشي خطير للغاية ندر أن يظهر في دولة مؤخراً، إلا في الحالة (الهوبزية) حيث الكل في حرب ضد الكل أي حالة الإنهيار الكامل للدولة وغياب السلطة. .
إن تسونامي العجز المالي الذي تقوده موازنة 2021 والذي أوشكت موجاته النهائية أن تحيق بالبلاد وبالحسابات الجريئة نقول أن الموازنة قد صممت على استهداف رهان إحداث هذا الإنهيار وذلك بغية شن الهجوم النهائي في اللحظة المناسبة والاستحواذ على المؤسسات المتعثرة وعلى المواد الخام وامبروطورية الذهب والصادر بأثمان بخسة، ستعكس الوضع المتأزم في الواقع. . هؤلاء الخبراء المزعومين استمدوا من تجاربهم السابقة دواعي اطمئنانهم وثقتهم بنجاح خطتهم إذ يقف إلى جانبهم شريك موثوق به بكل تأكيد شريك يتكفل بإستحداث الشروط الضرورية لنجاح غارتهم (صناعة العجز الحكومي) أعني صندوق النقد الدولي.
صناعة العجز الحكومي الكارثي ستكون اول الهدايا التي يقدمها خبراء كابينة حمدوك الإقتصادية الذين يديرون ويتحكمون في العجز الحكومي الماتدور الثلاثي القابع في وزارة المالية وبنك السودان والقطاع المصرفي.
موازنة 2021 كسابقتها النعل بالنعل ستنتهي إلى زيادة حفرة العجز الموازني عمقا واتساعا فلم يعد في صندوق (الضمنة) بلاطة رابحة بعد أن قام خبراء صناعة العجز بتمرير كل بلاطات الإقتصاد الذهبية إلى صندوق إقتصاد الظل وبالتالي التحكم في قوانين اللعبة.
قانون اللعبة الذي أدار توقعات خارطة العجز في2020 تمهيداً لقفل دائرتها بالكامل في موازنة 2021 ،وضع سلفاً عجزا لتمييع الكارثة المخطط لها في نهاية عمر الموازنة حيث صمم العجز الكلي بقيمة (73) مليار جنيه في موازنة 2020 ، هذا رغم ان نسبة الزيادة في بند الاجور والمرتبات مثلت ماقيمته 125% من هذا العجز الكلي بقيمة 88 مليار ج لكنه في نهاية العام أسفر عن عجز بلغ(254) مليار جنيه، وهو نتاج رئيسي لخبراء هندسة العجز الذين كانوا ينفخون بكل قوة خلف المسرح وهم يجتمعون حول تصميم( وصفة زيادة الأجور )التي التهمت عشرات المليارات وتمخضت عن عجوزات عظيمة في الميزانية الحكومية وماعادت الموازنة قادرة على الوفاء بإلتزامتها المالية والآن بدأت حرائق الأجور تهدد بالتحول إلى حرائق مدمرة تنشر ظلالها على كل المؤشرات الإقتصادية بعد أن قذفت بحمم العجز في جانب إيرادات الحكومة فحققت أضعف تحصيل لها في تاريخ السودان الإقتصادي وفي تاريخ الموازنات تدهورت فيها الإيرادات إلى (263)مليار جنيه ، وجملة المصروفات(447) مليار ج، بعجز بلغ (184)مليار جنيه ،مثل هذا العجز في نهاية 2020 ماجملته 12.4 من الناتج المحلي الإجمالي وهي نسبة قياسية بالمقارنةمع عجوزات دول أفريقيا الفقيرة .
الفرضية الأساسية المتحققة لتفسير زيادة رقعة العجز الحكومي عمقا واتساعا هي السياسات الوخيمة التي تم فرضها من الطاقم الإقتصادي القابع في مثلث برمودا في وزارة المالية وبنك السودان ومصارف الظل.
المتتبع لخارطة معدلات النمو الإقتصادي سيرى أدوات صناعة العجز وقد أخذت الطريقة الميكانيكية التلقائية يتحكم فيها خبراء الصندوق المحليين بأزرار تدار من مثلث برمودا فكابينة رفع الدعم وحدها تقود إلى انكماش في النمو الاقتصادي بلغ مقداره (8) مليار دولار وفقا لإجراءات السلاسل الزمنية في عام الموازنة 2020، (سنترك سعر الصرف والتضخم للتحليل في مقالات تفسيرية أخرى)
كان مبتكرو إستراتيجية صناعة العجز وهو نفس الفريق الذي قام بالتصميم لموازنتي 20 /2021 واللتان قادتا لخفض المستوى المعيشي للسودانيين بمقدار لم نشهده منذ سلطة الممالك النوبية ،يدركون جيدا إن هذه الإجراءات بصفتها الإجمالية ومن حيث نتائجها السلبية على السكان ستسبب في إحداث تدهور كبير في الوضع الإقتصادي وبالتالي أن يكون الإقتصاد السوداني أسير منحدر لولبي خطير يمسك بخناق المكون الجوهري المتمثل في النمو الإقتصادي بحيث يتحول إلى كساح إقتصادي وهو منحدر لولبي قد يفرض على السودان وسكانه وعلى نحو أشد صرامة طريق واحد للخروج القسري وهو طريق الجحيم مزيد من التقشف ينجو من ينجو، والآخرين لا مندوحة فهم حطب الجحيم ولهذا السبب فهؤلاء العمالقة صانعي إفلاس الإقتصاد المرتقب والوشيك على علم وثيق بالمشكلات الخطرة التي سترافق تنفيذ اجراءاتهم التي تخنق الإنفاق الجيد وتصنع العجز الردئ.
إن برنامج التقشف المطبق في ميزانية 2020 قد تم تطبيقه في المكونات المالية الخطأ وهنا أساس تضليل السياسة الاقتصادية، كما أن البرنامج لموازنة 2021 المزمع تنفيذه سيقضي على النمو الهش بكل تأكيد فالانحدار اللولبي لمعدل النمو بلغ ماقيمته (33) مليار دولار في 2020 بهبوط (6) نقاط هابطا من (2،5_)% ،ونعزو ذلك إلى الحقيقة الاقتصادية التي ولغ فيها خبراء العجز بتفضيلاتهم وفرضياتهم الخاطئة التي ارتكزت على منح الأولوية لسد العجز فكانت المحصلة النهائية لسياسات الموازنة أن زادت العجز عمقا ورقعة (Self _defeating policy ) السياسة تهزم نفسها بنفسها.. بيد أن صناعة هذا العجز مدبر بعناية وفق مخطط مرسوم وهدفه إيجاد المسوغ الإقتصادي لكي تخرج الدولة من إدارة الإقتصاد وفق مخطط ذئاب دبي وغول واشنطن وقطط مثلث برمودا المحلي وبالرغم من أن موجهات موازنة 2021 للجنة العليا للموازنة نادت بضرورة زيادة معدل النمو الاقتصادي أكثر من التفكير في تقليل العجز، إلا أن مهندسي صناعة العجز يريدون أن يضرموا النار في مكون النمو الاقتصادي.
صناعة مجزرة العجز الحكومي في موازنة 2021 تنتهج نفس أدوات مذبحة العجز في موازنة 2020 ،حيث تم تضخيم أرقام الموازنة بنسبة (200 )% حيث المتعارف عليه في زيادة أحجام الموازنات يجب أن لايتجاوز ال(20)% وهذا يكون محكوم بالطواري القصوى وتجهيز مؤسسات الضبط والمراقبة المالية فكانت النتيجة في نهاية الموازنة عجز كارثي جعلهم يلجأون إلى حيلة الموازنة المعدلة والتي كان حديثهم عن تعديلها ظاهره الرحمة وباطنه العذاب والتي صمموا فيها تخفيضا هائلاً في مكون الإنفاق الحكومي وصل إلى (500)% بدون تحليل إقتصادي لمضاعفات الإنفاق مما قاد لاحقاً إلى فقدان النمو الإقتصادي ما قيمته (105) مليار دولار بهبوط في معدل الناتج المحلي الإجمالي بمقدار (9) نقاط في سابقة تاريخية .
مثلت هذه الإجراءات الاقتصادية ضربة قاصمة لمكون الاستهلاك ،فقدت فيها اجمالي معدلات الدخول للسودانيين ما قيمته (35 )مليار دولار على أساس سنوي، تحرك معها منحنى دخل الفرد السنوي مقوم بالدولار هبوطيا من (3.75) الف دولار إلى (400) دولار فقط ،يمثل انحدار كارثي تاريخي لمعدلات دخول السودانيين نتاج نتاج التلاعب المصمم بدقة بمضاعف الإنفاق الحكومي على إثرها قادت أعظم انكماش في النشاط الإقتصادي مصحوب بكساد وخيم تسبب في انهيار الناتج المحلي بنسبة (_8.4)% في المجمل عند إنعقاد اجتماعات موازنة 2021.
على الرغم من جميع ماخلفته السياسات المصممة لموازنة 2020،وماتركته من نتائج مأساوية وآثار بشعة سناتي لها لاحقاً لم يفكر رئيس مجلس الوزراء ولا ثالوثه الذي يدير مثلث برمودا بضرورة إعادة النظر، ففضل مهندسي صناعة إفلاس الدولة متابعة ماتبقى من إستراتيجية حيث تمت مضاعفة حجم الميزانية في2021 إلى ( 350) % فرغما عن أن الإيرادات الكلية في موازنة 2020 قد بلغت (263.746 )مليار جنيه إلا أنهم وضعوا المستهدف لموازنتهم في 2021 في جانب الإيرادات مامقداره (938.2) مليار دولار وبهذا المعنى امست سياسة صناعة العجز قاب قوسين أو أدنى من أن تضل سبيلها وان تفشل في بلوغ هدفها، فكيف سيتحصلون على هذه الإيرادات الضخمة والنشاط الإقتصادي في الحضيض بمعدلات سالبة، لاشك أن زيادة الضريبة بالنسبة الموجودة في أرقام الموازنة والبالغة زيادة بمقدار 60 % ستحرر شهادة الوفاة لهذه المناورة الغبية أمام شعب ديسمبر الذي لم يختبره خبراء العجز أولئك
نواصل ….