سوداني نت:
العشوائية التي نراها تسير في شوارعنا فتتسبب في الحوادث و المهاترات و تعطيل الناس لم تنتج من عشوائية الشعب وغياب قيمة الانضباط فيه وإنما هي نتاج غياب الوعي الرسمي …
و الطريق أيا كان مالكه في الدولة ( وزارة او محلية ) عندما يتم رصفه يترك ليكون مشاع الملكية فيتصرف مستخدمه و كأنه هو المالك الأصلي فيهشمه ان أراد و يحفره ان رغب و يقطعه ان احب و يعبث به كيفما بدا له و ليس هنالك مالك يقاضيه او رقيب يحاسبه و من امن العقوبة اساء الادب …
و ذلك عبث الطرقات الحية فما بالك بالعبث في المقابر الميتة اذ ان الفوضى تحل بكامل جيوشها في هذا المرفق الحيوي و اعني ما اقول ( المرفق الحيوي ) …
وكأن المقابر جزيرة منزوعة الملكية و مهدرة تماما لمن ارادها بسوء او بخير …
و لا تجد مقبرة واحدة في بلادي تخضع لرقابة صارمة من الدولة فتخطط لساكنيها و تحفظ سجلاتهم و ارقام منازلهم و ازقة و شوارع هذه المقبرة …
و المعروف في كل بقاع الدنيا ان المقبرة عبارة عن مدينة تخضع للتخطيط الكامل فتسور و تحدد مداخلها و رقابة تلك المداخل ثم ترقم قبور الموتى بالقبر و الصف و المربع و تضاء هذه المقابر اضاءة كاملة و بهذا الوعي تحفظ سجلات الموتى عند ارشيف المقبرة الورقي و الإلكتروني …
و بهذا الضبط تحفظ حقوق الموتى الذين ليس لهم نقابة الا الدولة ( الغائبة ) و بهذا الضبط تنتفي جرائم القبور بكل اشكالها ( دفن القتلى و نبش القبور و منع السيول ) …
و ما دعاني لكاتبة هذه الملاحظة المهمة ما أوردته امس مواقع التواصل الاجتماعي عن الاخ عابدين درمة الحانوتي المعروف فمنهم من اثنى عليه و منهم من زمه غاية الزم و لكنني ارى ان الرجل رأى غياب الدولة في حفظ حقوق الموتى فقام بسد هذا الغياب …
وان لم تع الدولة دورها في دور المقابر فلا تستبعد قيام جسم فاعل و حي يسمي نفسه ( تجمع الموتى ) يأخذ بحقه من الأحياء الرسميين فيا ويلهم حينها من ( ثورة البعاعيت ) …