سوداني نت:
ارجعت المملكة العربية السعودية اكثر من عشرين باخرة محملة بالماشية بحجة عدم مطابقة الاشتراطات الصحية و مواصفات الوارد …
و الذي يثير الحسرة و يزيد الالم ان هذه البواخر لم يتم إرجاعها مرة واحدة و إنما كان ذلك على مدى شهور عديدة لم يتعظ المسئولون الحكوميون ولا المصدرون من الخسارة الاولى ولا الثانية و لا حتى العاشرة و كل باخرة ترجع يكون لدغها أقوى من سابقتها لكل البلاد وليس للمصدرين ولا اصحاب القرار و الإجراء فقط …
و إرجاع تلك البواخر إنما هو مثال واحد للاستهتار الذي يتعرض له الاقتصاد السوداني ككل و إنما هو عنوان كبير لغياب الكبير و الضمير …
في مساحات عديدة تحدثنا عن عدم كفاية القوانين و اللوائح التي تضبط الإجراء و تحدد المسئولية و تجود الأداء العام و لكن لا حياة لمن تنادي اذ ان العشوائية تضرب كل مجالات الحياة الاقتصادية و السياسية في بلادنا حتى اصبحت بعض المؤسسات التي تطبق مواصفات الجودة الشاملة و تضبط اجراءاتها الادارية بدقائق القوانين اصبحت كأنها كلمة شاذة وسط مؤسساتنا الخاصة و العامة و ينظر لها البعض بانها امهات البروقراطية و تعقيد الأمور …
و العالم اصبح يتسابق على جودة الأداء و جودة الانتاج و اصبح الإبداع هدفا منشودا لسيادة السوق و الكسب السريع و الغنى المأمول و لا مجال ابدا لغير المبدعين في سوق العمل و الانتاج …
و الإبداع الاداري يسبق كل منتج و الذي يريد صناعة ممتازة في جودتها و اتساعها وقلة تكلفتها فعليه بكادرها ووسائل الإبداع لذلك الكادر و كذلك ان الذي يريد انتاجا زراعيا ممتازا ووافرا و قليل الكلفة فعليه بالكادر و الوسيلة …
و البلاد لا تفتقد الكادر و لا تنقصها الوسايل لكن غياب الروية الواضحة أدت الى استمرار الفوضى خاصة اذا كان وراء الفوضى تكسب مادي او اخفاء للإخفاقات …
وارجاع بواخر الماشية يعكس بطريقة اخرى قبول الشعب السوداني لأمراض اللحوم و يعكس بطريقة ثانية غياب الرقابة الشعبية و بطريقة ثالثة يعكس القصور الاعلامي و المحاسبة الادارية و يعطي انعكاسا سالبا للسودان في سوق اللحوم و الماشية العالمي …
ولا ينبغي للعرجاء ان تدخل المراح الا بعد معالجتها و الكشف المبكر لمثيلاتها ليس لان تكون محلا للصادر فقط و إنما لان تكون صالحة لهذا الشعب العظيم اذ ان شعبنا احق بالسليمة و احق بالصحيحة و ما بقي من المتردية و النطيحة فمحلهاالتصدير …
و الصوت الذي لابد من ان يسمعه كل مسئول هو صوتنا الداعي لاحلال الجودة الشاملة كل مجالات حياتنا ولابد ان نجود إنتاجنا من اجل أنفسنا اولا فالذات أولى من الغير و من تكون حياته نظيفة في بيته و لنفسه فستكون نظيفة في غيره …