سوداني نت:
تحول سياسي محفوف بالمخاطر
قبل تعيين الطاقم الإقتصادي الجديد :
من الحقائق التاريخية الراسخة أن الأزمة السياسية منشأها (إقتصادي )، أيضاً لم يشهد السودان قيام حركة سياسية تعتمد (منظومة القيم)، كل مخرجات دولة مابعد 1956 السياسية هو عبارة (لقد تفاجأنا ) … وفي الأصل مجمل القصة هو تعليم هش وغير جيد تلقته النخب، ولا يسمح لها بإجراء التحولات. . بالإضافة إلى ضعف رصيد الجرأة كحامل إجتماعي، وبذلك تكون قد جمعت العاملين العقلي /النفسي كمعزز للاستبداد، وليس بإعتبارهما فعلين دينامكيين في التغيير، وبالتالي أدوات التغيير هي أول من يثبط التغيير (الأدلة التاريخية لتحركات النخب في لحظات التغيير)..
لذا مجمل قضية التغيير (الحكم ) تبدو غير أخلاقية، على الرغم من أن عموم الناس (الإرادة العامة) قد بذلوا ومازالوا يبذلون جهودا جبارة عبر عقود السنوات للتحرر، إلا إن المفارقة الخطيرة أن المدنيات المؤقتة في السودان هي التي تعبد الطريق للديكتاتوريات وتحتفي بها، وذلك لأن جوهر الإستبداد هو في الأصل إبن البنية الإجتماعية ككل. . لذا كانت وستظل قضية التغيير قضية صفرية بإمتياز مهما انشد الشعراء. .
هذه هي مخرجات أكتوبر وابريل، و ديسمبر ليس لها ميراث إجتماعي /سياسي تستطع من خلاله استحداث نمط فكري جديد، لأن مايحدد التشكيل الجديد هو (العقل الإقتصادي ) الوكيل الحصري المسؤول من التغيير. يختصر في :
(إذا داير تشوف فاطنة شوف محمد في السوق)، وكذلك إذا أردت أن تقيس التغيير فتحول بعينيك نحو (العقل الإقتصادي )، الثورات الكبرى الفرنسية /البريطانية /الأمريكية /البلشفية /الصينية /النمور الآسيوية كان العقل السياسي لثوراتها الشعبية الناجحة التي حققت استقرار الدولة النهائي هو (العقل الإقتصادي )المحدد الجوهري للتحول السياسي. …وهو قانون الإنتقال الصارم في التاريخ الإنساني، والذي يشكل المؤسسات الإجتماعية، فالاخيرة لا يتم تشكيلها في فراغ في معركة دونكوشوتية (64 _ 85 _ 2019 )..
في كل تحول ثوري، تقوم النخب التاريخية بعكس العملية الطبيعية للعقل المتولدة في القواعد الشعبية، بوضع العقل السياسي أمام العقل الإقتصادي، فتكون المحصلة العقلية معكوسة، والتي نهض منهجها عندهم في سنوات العشرينيات ومخرجها النهائي مزيد من تعميق المأزق السياسي (Self _defeating Political Approach ) حيث نمط العقل السياسي المفتتح لدولته، أرغم العسكر ارغاما لإجراء التحول. . هذا الإرث هو الإرث السياسي الوحيد الراسخ اليوم حيث تم تعزيزه في 69 و 89 على التوالي. .
كل ذلك التاريخ الممتد لم يكن للعقل الإقتصادي إلا فرصاً ضئيلة، في مشهد اللعبة السياسية، وبالتالي لم تتولد الترتيبات السياسية الجديدة، ولم تشهد تطورا في بنيتها الإجتماعية، واستحالت العملية التغييرية برمتها إلى صفر كبير جداً. .
بإختصار … جوهر جدول أعمال التغيير الشعبي (العقل الإقتصادي المولد ل بنيته الإجتماعية ) هو الضد لجوهر الأجندة في العقل السياسي المسيطر (القيادات التي تطرأ أوقات التغيير )
.. هنا العقل السياسي يعزز من عملية التراكم البدائي لتحجيم التوسع الإقتصادي (عملية انكماش إقتصادي مصنوع منذ العشرينيات ) ،كإسلوب للسيطرة السياسية، وجعل البنية الإجتماعية والتي هي البنية التحتية للتخليق السياسي في سيرورة ركود مستديم( Sustainability ) نابعة من تجذير سياسات الركود الذي ينتهجها الطاقم الإقتصادي في إدارة الريع عبر التاريخ السبعيني. . لأن التحول الإقتصادي الكبير هو الوحيد الذي يوفر للبنية الإجتماعية الآليات السياسية وليس العكس _أي أن التغيير السياسي لن يتم إنجازه بفعل العقل السياسي في حد ذاته، بل هي عملية تدار في المقام الأول في العقل الإقتصادي. .
السؤال :
أي تغيير هذا الذي يغيب فيه الدينمو المحرك للتغيير نفسه؟ ؟.