سوداني نت:
◼ نتناول من خلال حلقات بداية تجربة ثورة الإنقاذ (كزراع سياسي) لمشروع حضاري ونهضوي إسلامي وسفر تاريخي من خلال تجارب الحكم فأعني بالمشروع الاسلامي في السودان الفكرة والمنهجية المتبعة ولا أعني تقييم الممارسة والتطبيق فان أصحاب المشروع حتما سيعكفون لتقييم تجربتهم بأسس علمية ومراجعات فكرية كلية لتطوير التجربة، كما لسنا بصدد اصدار أحكام للتجارب الإسلامية في السلطة لأنها ليست معيار قياس او مناط اقتباس للتعميم او التخصيص كما سنتناول في إطار استصحاب النماذج للمنهجية (المشروع) بعضا من التجارب دون التطرق للإيجابيات او السلبيات في الواقع السياسي فكل جهد بشري محدود وقابل للنقص وسوء التقدير وليست خاضعة لمقياس درجات الكمال التي هي لله وحده
◼فالمشروع الاسلامي في السودان جاء لبناء أسس الحياة علي المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، ولصياغة الإنسان وغاياته نحو أسلمة الحياة في كل اعماله وأفعاله وحركاته وسكناته(الدين المعامله) وتزكية الوجدان والمشاعر نحو ترقية السلوك الإيماني وللحفاظ علي القيم والأخلاق والعرف المجتمعي فلم ترفع ثورة الإنقاذ (كوسيلة سياسية) شعارات رنانه او اعلامية او سياسية او متاجرة دنيوية منذ اندلاعها الاول كعهد الأحزاب اليسارية او التقليدية الأخري لان المقصد والمنتهي من أهداف المشروع الاسلامي هو تثبيت ركائز الدين في الحياة وإشاعة الفضائل وسمو الأخلاق لحياة مستقره ومتصالحه تكسوها الأمن والأمان والاستقرار المجتمعي فما السلطة عندهم الا وسيلة لغاية تكليفية من معطي الملك ونازعه ولا يعولون عليه إلا لتحقيق المصالح ودرء المفاسد فالحياة والعمل عندهم عبادة والتكليف ندامه الا لمن أداها بحقها وامت ضعف وقوة التجربة فتختلف من واقع الحياة وأدوات التطبيق واستلهام التجارب ومن وحي سيرة الخلافة الراشدة في الشأن العام في الحكم والسياسة فكان الخطاب المعبر عن المحتوي الرسالي في بداية التحول رغم تأثيراته لم يكن بالمستوي المطلوب من حيث التأثير وصياغة الوجدان لقبول التغيير نحو الواقع الجديد
◼فبدأ المشروع الاسلامي بالحفاظ علي الهوية وتثبيت ركائزها في إطارها السائد (السودانويه) التي لاتنفك عن خصائص العقيدة الإسلامية ثم احترام الديانات والمعتقد ثم التنوع الاثني والعرقي كمصادر قوة للحمة السودانية فقد انزلها الإنقاذ علي ارض الواقع من خلال مشروعات عملية داخل الكيان الإجتماعي وظلت تراجع التجربة كالوحدة والتعايش السلمي وقبول الآخر ومن ثم في إطار وحدة قضايا الهوية المصيرية سارعت لعقد مؤتمرات علمية وبحضور خبراء وعلماء ودول ومنظمات لتعزيز ركائز الهوية كالسلام والاقتصاد والتنمية والرؤية الوطنية فرغم ماتلي الثورات من مصادرة للحريات وتكميم الافواه والانشغال بالاجتثاث والاحلال والابدال الا ان تجربة المشروع الاسلامي لم تتبع تلك السياسات والإجراءات التي تنبع من الرهبة والخوف من عدو محتمل لان الثقة في التوجه والمقصد ومن ثم الاعتزاز بالعمل التنظيمي واخيرا الهم الوطني في المشاركة هم أسباب ثبات أعمدة وأفئدة أصحاب التجربة الوليده حينها ( ثورة الإنقاذ) فكانت بداية الثورة سلميه من خلال تعاطيها المجتمعي وعدم بروز مخاوف مجتمعية خارج العرف المجتمعي لذا دخلت الثورة قلوب الناس وكثير من الدول العربية والافريقية والمجتمع الدولي لرؤيتها الاستراتيجية وتخطيطها العلمي وحشد كوادر لإدارة الدولة فلم يتعاملوا بمفهوم وعقلية النشطاء السياسيين ( بتسقط بس) دون رؤية واضحة لمآلات وطن.
((فإني قاصر ان اكون باحثا او محللا او مقيما لتجربة امتدت لثلث قرن من الزمان لمشروع كبير ولكنها محاولة مني ان ادخل سنان قلمي في بحر من التجارب عله يكون استفزازا لكثير من أصحاب التجربة الحقيقية لاثراء المعرفة والقاموس السياسي))