سنة يا ولد.. وهجاء المثقفين وكل أحد «2»
.. ووالدة الشاب الإنجليزي ــ الذي يحكي ــ ترى لصاً يتسلل إلى الجيران منتصف الليل.. وحتى توقظهم المرأة تحمل حجراً وترسله قذيفة وتحطم زجاج نوافذ الجيران.
.. قال الشاب
: اللص ــ هرب ــ لكنني أفاجأ بأمي تلتقط الأحجار وتمضي في تحطيم النوافذ.. وحين أمسك بها تقول مندفعة
: دعني.. دعني.. ما كنت أعرف أن تحطيم زجاج النوافذ لذيذ هكذا.
.. والأسبوع الماضي نحطم نوافذ الناس حتى ــ يستيقظوا ــ لكن ما يجعلنا نرسل الأحجار الآن ليس هو الإمتاع.
.. ما يجعلنا نعود هو أن ما لم نقله الأسبوع الماضي ــ لأنه مخيف ــ نقوله اليوم حتى «ينعدل» كل أحد.
.. ولأن الأمر يبلغ المحاص.
«2»
.. والحقيقة هي
: أنت محسي؟؟ أنت دنقلاوي؟؟ أنت مسيري؟؟ أنت زغاوي؟؟
.. كضباً كاضب!!
.. ومن يكذبك هو ــ التاريخ القريب.. الحقيقي.. المباشر.. الموثق الذي يسمع السوداني وهو يتنبر ويلطم الدين والدنيا وهو يركب حصان القبلية.. ليقول له ــ ولكل سوداني ــ أقعد في الواطة.
«3»
.. والحكاية لها امتداد أفقي.. مساحة تتمدد فيها الأحداث ــ نسوقها.
.. وامتداد رأسي.. تصعد الأحداث درجات لسلم فيه.. والأحداث نسردها.. وحواشيها وراعيها وحاديها.
.. وقرنق حين تستقبله بعض الطالبات الجنوبيات يشير إلى بطونهن بعصاه.. ليقول
: بطن دا.. فاضي ليه؟؟
.. والجملة هذه.. بروفيسور محمد حسين أبو صالح ــ الإستراتيجية ــ يقدم تفسيراً لها دون أن يعلم أنه يقدم تفسيراً.
.. بروفيسور أبو صالح في محاضرته الأسبوع الماضي يحدث عن دراسات تقول إن أوروبا وجزءاً كبيراً من روسيا وغيرها يصبح مسلماً.. بعد أقل من نصف قرن.
.. والدراسات تقول إن السبب هو
: الخصوبة عند المسلمين والعقم عند أوروبا بحيث تصبح نسبة المواليد هي «8 : 1».
.. ومثلها في السودان دراسات ومخططات قرنق كانت تركب حقيقة أن
: السوداني المسلم في الشمال لا تزيد أسرته على مولودين أو ثلاثة.. بينما الجنوبي ينجب دون عدد.. وفي ربع قرن يطغى سيل السودان «غير العربي.. وغير المسلم».
.. ومن يقدم تفسيراً وشاهداً للخطة الكاملة كان هو منصور خالد ــ فالرجل ــ وهو مستشار قرنق يعلن قبل عشرين سنة أن
: السودان عليه أن يستعد لاستقبال أول رئيس غير عربي وغير مسلم.
«4»
.. والخطة هذه.. خطة سودان غير عربي وغير مسلم قديمة ودقيقة وواضحة إلى درجة تجعل الدراسات لا تلهث وهي تصل إليها.
.. الدراسات تجد أن
: الإنجليز عام «1900» يجدون أن السودان فارغ ــ مواطنوه أقل من مليونين!!.. أقل من مليونين.. نعم في المساحة الهائلة.
.. والإنجليز يشرعون مباشرة ومنذ عام «1902» في حملة ترحيل هائلة لكل قبائل إفريقيا غير العربية وغير المسلمة.. ويسكبونها سكباً في غرب ووسط السودان.
.. لكن شيئاً غريباً جداً.. «وسودانياً جداً» ينقذ السودان.
.. الهجرة مذهلة.
.. والضعف في السودان مذهل.
.. ومدير المخابرات الإنجليزية ملفاته «الملفات ما بين «1» وحتى «111» تقول إن
: الجزيرة سكانها أقل من مائة وخمسين ألف مواطن.. منطقة كسلا.. ثمانون ألف مواطن.. منطقة سواكن ستون ألفاً.. الخرطوم تسعون ألفاً.. بربر عشرة آلاف.. كردفان كلها أقل من خمسين ألفاً.. وحلفا كلها أقل من عشرة آلاف.
.. والهجرات من قبائل إفريقيا تنسكب لصناعة سودان غير مسلم.
.. والحملة تذهب إلى درجة أن إحصائية الأربعينيات تقول إن «75 في المائة» من السودانيين لا يتحدثون العربية.. لا يتحدثون العربية.. نعم.
.. لكن شيئاً يحدث.
.. ونتحدث لأن الأمر الآن هو «وجود أو ذهاب» بلد كامل.. لا نجامل أحداً.
.. ونرجو من الذين يعبدون القبلية أن يعفونا من مداخلاتهم.
.. على الأقل حتى نكمل ردم الحقائق المفزعة.
.. الحقائق التي تقول لكل من يعبد القبيلة.. ويهدم بها السودان الآن:
: أقعد في الواطة.. واعرف ما يدبره لك العالم.. وأنت تعبد قبيلة وهمية.
.. وأنموذج إفريقيا الوسطى هو.
.. من يحكمون إفريقيا الوسطى اليوم هبطوا هناك قبل شهور قليلة.
.. شهور .. نعم.
.. وفرنسا تصنع هناك بنجاح كامل ما كان الإنجليز يسعون لصناعته في السودان.. وينجحون نصف نجاح.
.. والنزاع بين السودانيين ينتقل من «سنة يا ولد» إلى الرشاشات.
.. وبدقة تدير من يعبدون القبيلة.
.. ونحكي حكاية.. حكاية من يذبحون السودان قرباناً لقبائل وهمية.