الحـــــوار (4)
مذبحة النوير للدينكا أول الثمانينيات.. والشيوعية تتمدد.. وعدن تصبح حمراء وعبر المضيق إثيوبيا منقستو تصبح حمراء.. والصومال (سياد بري) تصبح حمراء… و…و
ولإيقاف هذا أمريكا تصنع قرنق
ثم تجعله اشتراكياً أحمر حتى يحصل على دعم منقستو ويقاتل الخرطوم التي تتجه إلى الشريعة
وحتى تبعد القذافي عن جنوب السودان
ومشار الذي تحمله طائرة القذافي من بريطانيا ليلحق بقرنق… وانشقاق الناصر الذي يقوده مشار… وسلفا كير الذي يقود طابور قرنق ضد مشار… وأوروبا التي تعيد مشار مكرهاً إلى قرنق و….و…
الأحداث هذه هي ما يصنع حرب الجنوب الآن ضمن مشروع إعادة ترتيب إفريقيا
ومثير ـ مثل الروايات الجيدة ـ إن مشار الذي يدخل بور… موطن قرنق صباح 16/12 الماضي كان يبدو وكأنه يحصل على ثأر غريب من هنا ويستأنف معركته من هناك ضد سلفا كير
والإثارة تصبح مثيرة وهو يمر بقبر (ايما) الصحفية البريطانية التي تتزوج مشار ويتهمها قرنق بصناعة انشقاق الناصر ثم يقتلها
(قبر ايما) نبشه جنود سلفا كير في الحرب التي تدور الآن
والبطولة النسائية في المشهد الجنوبي تتصاعد حين يكون تعبان دينق الذي يدخل بور مع مشار هو من كان يشتبك مع زوجة مشار.. انجلينا بالرشاشات أيام الانتخابات الماضية
وزوجة قرنق (ريبيكا) تنظر من لندن إلى كل ما يجري وتجد أن كل أحد هو بصورة ما عدو لها… ولعدائه حكايات
ومن بين الزحام كله ما يشبه انجلينا هذه كان هو السودان
(2)
ومن يصنع حرب الجنوب الآن في حقيقته هو تعبان.. حليف سلفا كير ينتقم لإقالته من منصب الوالي بالتقارب من مشار
وسلفا كير الذي يشعر بالخطر يفصل مشار من منصب نائب الرئيس
وليس مضحكاً أن جهات بريطانية تعيد إلى مجالس جوبا أحاديث مذبحة الثمانينيات والنوير يومئذ يبيدون الدينكا
وبريطانيا تعيد عصا (نيقو دينق) من المتحف البريطاني إلى بيت مشار
والإعاده هذه يصبح لها معنى حين تكون الاسطورة التي يصدقها الجنوب كله تقول إن الساحر نيقو دينق الذي يسلب الإنجليز عصاه هذه.. كان يتنبأ بأن الجنوب يحكمه في آخر الزمان زعيم من النوير له فَلجة بين أسنانه
ومن يومها ومشار يحرص على الابتسام لإظهار الفلجة
لكن رصف أحداث الجنوب هو شيء يشبه رصف أوراق الأشجار الجافة تحت الريح واشتعال الأحداث في الجنوب له الصفة ذاتها
(3)
نوع من الحرب هناك… للخراب ونوع من الحرب في الخرطوم للإصلاح
لكن حرب الخرطوم يقودها خطأ قاتل
الخطأ الذي يقتل الإسلاميين هو ثقة الإسلاميين في القيادة إلى درجة تمنع المحاسبة
والدكتور أمين حسن عمر الذي يقف يوماً في صالة المؤتمر الإسلامي يقترب منه أحدهم وفي يده وريقة يكتبها الشيخ الترابي تحمل تصديقاً بمبلغ ضخم
والرجل يعرض الورقة على دكتور أمين حسن عمر وهو يقول في حيرة:
لكنها لا تحمل توقيعاً..
وأمين حسن عمر الذي يتميز بظرف خاص ـ يقول له في مرح:
من يضع توقيعه أسفل شيء مثل هذا هم أمثالي وأمثالك .. أما الشيخ فلا يحتاج إلى أن يضع توقيعه
ثقة الإسلاميين في القيادة ـ الثقة التي ما زالت كما هي لم تتحول ـ كان سببها هو أن القيادة وبتاريخ عريض هي شيء فوق الشبهات
والخطأ القاتل هذا الذي يخلط بين سلامة النيات وسلامة القرار هو ما يدمر الكثير
الإسلاميون بعدها يجدون أن من يصنع نيفاشا هم رجال فوق الشبهات
ومن يقدمون مذكرة العشرة… أول (طق) في الانشقاق كانوا رجالاً فوق الشبهات
ومن قاموا بالانشقاق الأول… ومن قادوا الانشقاق الثاني … غازي والآخرون ومن ذهبوا إلى حمل السلاح.. ومن اعتزلوا كلهم رجال فوق الشبهات
والسموم تتسرب داخل الشقوق
وسهل جدًا الذهاب إلى سوء التفسير
ونهار الخميس الماضي أستاذ علي عثمان يحدث الصحافة عن أن (من يصنع القرارات هم اثنان أو ثلاثة)
والجملة ذاتها كان الترابي هو من يطلقها في جامعة النيلين… بعد الانشقاق.. ليقول إن
كل القرارات من يصنعها هم أربعة أو خمسة
والقرارات في كل مكان في الأرض من يصنعها عادة ليس جيشاً من الناس
من يصنع القرارات هم عادة أربعة أو خمسة لكن من يناقش القرارات هم جيش وجيوش
لهذا كانت الشورى تبدأ بتسعة من الصحابة لاختيار الخليفة من بعد عمر
ثم الشورى العامة هي التي تجعل حذيفة بن اليمان يدخل على كل أحد حتى العواتق في خدورهن يستشيرهن في الخليفة من يكون
لكن من بين المرشحين فقط
الحوار يبدأ وطبقاته وطبعاته هي هذه
حوار داخل الإسلاميين
ثم حوار بين الإسلاميين والأحزاب
ثم حوار بين السودان والجيران والأحداث