آخر الليـلمقالات
وقـــال حســــن مكــي
قبل أسابيع كتب رئيس وزراء بريطانيا كاميرون مقالاً في جريدة يومية ذات توجه ديني مسيحي قائلاً: «إن بريطانيا دولة ذات مرجعية مسيحية»، والحقيقة أن كلامه صحيح، لأن كثيراً من القوانين البريطانية في الطلاق والزواج والعطلات الرسمية مثل الكريسماس وغيرها ذات مرجعية مسيحية، وكذلك فإن الملكة هي رئيس الكنيسة الإنجلكانية وأن «27» عضواً في مجلس اللوردات هم أساقفة يدخلون مجلس اللوردات بحكم وضعيتهم الدينية، وحينما يحدث شيء مثل هذا في بعض دول العالم الإسلامي، يصبح غير مقبول.
ولنعِد قراءة ما حدث في إفريقيا الوسطى، قبل عقود كانت مستقرة تحت حكم الإمبراطور بوكاسا، وفجأة أعلن بوكاسا إسلامه وتسمى بصلاح الدين، ربما طمعاً في شيء من الهبات الليبية، فتعرض لحملة شرسة، ووُصف بأنه من آكلي لحوم البشر وأنه جاء بالثلج من فرنسا في احتفالات تتويجه إمبراطوراً، واستقرت إفريقيا الوسطى شيئاً ما تحت حكم باتاسيه بدعم من ليبيا والسودان، خصوصاً أنه منتخب وفق الوصفة الغربية ديمقراطياً، وفجأة سمعنا بحركة عسكرية يقودها بوزيزي ومدعومة فرنسياً وإقليمياً وأطاحت به، ثم من بعد برهة، سمعنا بأن هناك معارضة مسلحة، باسم السلكا وأنها مجموعات مختلطة مسيحية ومسلمة ويقودها مسلم مرتد عن المسيحية اسمه ميشيل دوبريه، ثم سمعنا أنه دخل بانقي وأصبح رئيساً لأفريقيا الوسطى كأول رئيس مسلم منذ إنشاء هذا الكيان على يد الفرنسيين، بعد اغتياله لرابح فضل الله في موقعة كسرى في عام 1901م. ثم فجأة أطلت نذر حرب أهلية، كان ضحيتها الوجود الإسلامي الذي لا علاقة له بالسلكا ولا بدوران الحكم ولا الصراع السياسي، ووجود إسلامي متمثل في التجار ومساجدهم والأهالي الذين يمارسون عباداتهم وزواجهم وفق التقاليد الإسلامية وعاشوا ويعيشون تحت كنف الإدارات الاستعمارية والمسيحية المتعاقبة، ثم التصفيات التي قيل إن الجيش الفرنسي نفسه تورط فيها، لأنه مع رؤساء الدول الأفريقية أطاح بالشرعية الجديدة التي جاءت في ظروف غامضة، ولو كانت فرنسا جادة لوأدتها في مهدها.
وما رشح أن رؤساء تشاد والكاميرون ونيجيريا والكنغو الديمقراطية اجتمعوا وأعطوا ميشيل دوبريه هذا مبلغاً محترماً وطلبوا منه الاستقالة والمغادرة مع قواته معززاً مكرماً، بعد أن أوقد نيران الفتنة ثم كان الملهاة والمأساة على الأهالي المسالمين، حرق للمساجد وطرد ومقتلة وإجلاء للمسلمين عن مساكنهم وحرق كسبهم وتجارتهم، والشخص الذي تسبب في ذلك تغدق عليه الأموال والتسهيلات الدبلوماسية والحماية ماذا يقال عن ذلك ـ غير أن ما تم اختراق واستغفال وتخطيط محكم لاستئصال الوجود الإسلامي الأهلي المسالم، حتى تحافظ إفريقيا الوسطى على طبيعتها كبقرة حلوب في إطار مرجعي كنسي بعد أن فقدت المسيحية جذوتها وحيويتها في هذا البلد.
وعلى ضوء ما حدث في إفريقيا الوسطى، يمكن إعادة قراءة ما يحدث للجماعة الإسلامية لإحياء السنة والجهاد، وهي حركة كذلك نشأت في ظروف غامضة، لا يُعرف لمؤسسيها تاريخ أو جذور ويقال كذلك إن شيخها قادم من المسيحية إلى الإسلام، وهي تعمل فقط في المناطق والولايات الإسلامية أي منطقة مادوغري، حيث قبيلة البرنو المعروفة بتوجهاتها القرآنية، ومما سمعت أنه حينما تسربت إشاعات بأن الحركة ستقوم ببعض الأعمال الإرهابية في لاغوس، أنذر حاكم لاغوس الحكومة المركزية، بأنه إذا ما وقع حادث واحد، فإنه سيقوم بكشف الغطاء عن من يقف وراء الحركة، فسلمت ولاية لاغوس.
واليوم فإن ضحايا الحركة فقط من الأهالي المسلمين في ولاية مادوغري المسلمة، وبلغت الأحداث حداً مثيراً، على غرار تدمير بروج التجارة العالمية في نيويورك أو تلفيقات أسلحة الدمار الشامل في العراق والتي اتخذت ذريعة لتدمير العراق، وقبل بروز بوكو حرام ومحاولة تدمير سلام ولاية مادوغري وتشتيت قبيلة البرنو، تمت تصفية عدد من حكام وحكماء نيجيريا، فقد قتل السردونا أحمد بيلو حاكم الإقليم الشمالي، وأبوبكر تفاوه بيدوا ووقع انفصال بيافرا الذي اعترفت به فرنسا وتنزانيا نايريري، ثم اغتيل أخيراً بالسم رؤساء نيجيريا كمرتضى الله وثاني اباشا والرجل الحكيم رئيس منظمة الإسلام في إفريقيا امروا ثم شقيقه رئيس نيجيريا المنتخب الذي قيل إنه مات متأثراً بالفشل الكلوي قبل مجيئ الرئيس الحالي GOOD LUCK.
وهذا كله يدل على الاختراق النوعي الذي وصل الذروة باختطاف مئات الطالبات وهي جريمة كبرى ويفشل أقوى جيش في نيجيريا في تعقب المختطفين إلا أن تأتيه قوات أمريكية ـ فرنسية ـ بريطانية «حرب خليج مصغرة» للتدخل في الشأن النيجيري بحجة أن هناك خطراً على الدولة النيجيرية من جماعة مجهولة النسب يعجز أقوى جيش في إفريقيا عن مجابهتها، علماً بأن هذا الجيش أسندت له مهام خارج نيجيريا وقام بها بنجاح في ليبيريا وساحل العاج. إذن ما الجديد في أن تحتاج نيجيريا لقوات خاصة أمريكية ـ فرنسية ـ بريطانية لمحاربة حركة ـ ألا يدل ذلك على استغفال وعلامات استفهام كثيرة ـ وها هو الرئيس البريطاني كمرون يتكلم في مجلس العموم أن محاربة الإرهاب مسألة عالمية على غرار خطاب توني بلير في تزيينه لخطابه بأسلحة الدمار لغزو العراق.
ثم قراءة فيما يحدث في الصومال الذي حينما وصلت المحاكم الإسلامية للسلطة تحت رئاسة شيخ شريف تمت الإطاحة بالغزو الأمريكي/ الأثيوبي ثم جيء به مرة أخرى لحكم الصومال مع بروز حركة الشباب الإسلامي ثم دخول قوات يوغندية ـ رواندية ـ كينية وبرعاية وتمويل أمريكي ـ وأممي ـ الأمم المتحدة واليوم فإن «80%» من عمليات الشباب في الصومال في مقديشو وضحاياها من الصوماليين، بينما القوات المحتلة في سلام نسبي ولا تطول بنادق الشباب القوات المشتركة والخبراء الأجانب.
ثم نسمع عن جماعات في مصر باسم بيت المقدس وأجناد مصر لا تكاد تذكر لهم خلفيات تاريخية ولا عمليات ضد إسرائيل وثالثة الأثافي المقتلة بين الإسلاميين في سوريا، وعلى بعد أمتار منهم في الجولان القوات الإسرائيلية التي ينظرون إليها بسلام، ولم نسمع في تاريخ حركات الجهاد والمقاومة مثل هذه الصراعات الداخلية فمثلاً جبهة التحرير الجزائرية فقدت مليون شهيد ولكن لم توجه رصاصة واحدة ضد الجزائريين على خلافات بن خده وبومدين وبن بيلا.
ظاهرة الظواهر بروز حركات لا نعرف عن قياداتها ولا عن تاريخها شيئاً، ليس لها أدب مكتوب ولكنها تتحرك وتملأ الدنيا ضجيجاً والضحايا الأهالي المسالمون في نيجيريا ودارفور وأفريقيا الوسطى والصومال- الضحايا من المعذبين في الأرض، ليصبحوا نازحين ولاجئين، بيوتهم محروقة وأطفالهم ونساؤهم في العراء ولا نصير لهم. حركات تتحرك في الظلام وبدعم استخباراتي إقليمي وعالمي كبير، في مالي، وسوريا وأفريقيا الوسطى، ودارفور واليوم فإن معظم حروب العالم في الوسط الإسلامي والدول الإسلامية أليس لذلك دلالات.
< هذا هو حديث دكتور حسن مكي أول الأسبوع هذا..
< وهذا هو العالم اليوم حولنا.. بينما نحن ما نغرق فيه هو
: قال الصادق المهدي.. قالت المرأة المرتدة.
ولنعِد قراءة ما حدث في إفريقيا الوسطى، قبل عقود كانت مستقرة تحت حكم الإمبراطور بوكاسا، وفجأة أعلن بوكاسا إسلامه وتسمى بصلاح الدين، ربما طمعاً في شيء من الهبات الليبية، فتعرض لحملة شرسة، ووُصف بأنه من آكلي لحوم البشر وأنه جاء بالثلج من فرنسا في احتفالات تتويجه إمبراطوراً، واستقرت إفريقيا الوسطى شيئاً ما تحت حكم باتاسيه بدعم من ليبيا والسودان، خصوصاً أنه منتخب وفق الوصفة الغربية ديمقراطياً، وفجأة سمعنا بحركة عسكرية يقودها بوزيزي ومدعومة فرنسياً وإقليمياً وأطاحت به، ثم من بعد برهة، سمعنا بأن هناك معارضة مسلحة، باسم السلكا وأنها مجموعات مختلطة مسيحية ومسلمة ويقودها مسلم مرتد عن المسيحية اسمه ميشيل دوبريه، ثم سمعنا أنه دخل بانقي وأصبح رئيساً لأفريقيا الوسطى كأول رئيس مسلم منذ إنشاء هذا الكيان على يد الفرنسيين، بعد اغتياله لرابح فضل الله في موقعة كسرى في عام 1901م. ثم فجأة أطلت نذر حرب أهلية، كان ضحيتها الوجود الإسلامي الذي لا علاقة له بالسلكا ولا بدوران الحكم ولا الصراع السياسي، ووجود إسلامي متمثل في التجار ومساجدهم والأهالي الذين يمارسون عباداتهم وزواجهم وفق التقاليد الإسلامية وعاشوا ويعيشون تحت كنف الإدارات الاستعمارية والمسيحية المتعاقبة، ثم التصفيات التي قيل إن الجيش الفرنسي نفسه تورط فيها، لأنه مع رؤساء الدول الأفريقية أطاح بالشرعية الجديدة التي جاءت في ظروف غامضة، ولو كانت فرنسا جادة لوأدتها في مهدها.
وما رشح أن رؤساء تشاد والكاميرون ونيجيريا والكنغو الديمقراطية اجتمعوا وأعطوا ميشيل دوبريه هذا مبلغاً محترماً وطلبوا منه الاستقالة والمغادرة مع قواته معززاً مكرماً، بعد أن أوقد نيران الفتنة ثم كان الملهاة والمأساة على الأهالي المسالمين، حرق للمساجد وطرد ومقتلة وإجلاء للمسلمين عن مساكنهم وحرق كسبهم وتجارتهم، والشخص الذي تسبب في ذلك تغدق عليه الأموال والتسهيلات الدبلوماسية والحماية ماذا يقال عن ذلك ـ غير أن ما تم اختراق واستغفال وتخطيط محكم لاستئصال الوجود الإسلامي الأهلي المسالم، حتى تحافظ إفريقيا الوسطى على طبيعتها كبقرة حلوب في إطار مرجعي كنسي بعد أن فقدت المسيحية جذوتها وحيويتها في هذا البلد.
وعلى ضوء ما حدث في إفريقيا الوسطى، يمكن إعادة قراءة ما يحدث للجماعة الإسلامية لإحياء السنة والجهاد، وهي حركة كذلك نشأت في ظروف غامضة، لا يُعرف لمؤسسيها تاريخ أو جذور ويقال كذلك إن شيخها قادم من المسيحية إلى الإسلام، وهي تعمل فقط في المناطق والولايات الإسلامية أي منطقة مادوغري، حيث قبيلة البرنو المعروفة بتوجهاتها القرآنية، ومما سمعت أنه حينما تسربت إشاعات بأن الحركة ستقوم ببعض الأعمال الإرهابية في لاغوس، أنذر حاكم لاغوس الحكومة المركزية، بأنه إذا ما وقع حادث واحد، فإنه سيقوم بكشف الغطاء عن من يقف وراء الحركة، فسلمت ولاية لاغوس.
واليوم فإن ضحايا الحركة فقط من الأهالي المسلمين في ولاية مادوغري المسلمة، وبلغت الأحداث حداً مثيراً، على غرار تدمير بروج التجارة العالمية في نيويورك أو تلفيقات أسلحة الدمار الشامل في العراق والتي اتخذت ذريعة لتدمير العراق، وقبل بروز بوكو حرام ومحاولة تدمير سلام ولاية مادوغري وتشتيت قبيلة البرنو، تمت تصفية عدد من حكام وحكماء نيجيريا، فقد قتل السردونا أحمد بيلو حاكم الإقليم الشمالي، وأبوبكر تفاوه بيدوا ووقع انفصال بيافرا الذي اعترفت به فرنسا وتنزانيا نايريري، ثم اغتيل أخيراً بالسم رؤساء نيجيريا كمرتضى الله وثاني اباشا والرجل الحكيم رئيس منظمة الإسلام في إفريقيا امروا ثم شقيقه رئيس نيجيريا المنتخب الذي قيل إنه مات متأثراً بالفشل الكلوي قبل مجيئ الرئيس الحالي GOOD LUCK.
وهذا كله يدل على الاختراق النوعي الذي وصل الذروة باختطاف مئات الطالبات وهي جريمة كبرى ويفشل أقوى جيش في نيجيريا في تعقب المختطفين إلا أن تأتيه قوات أمريكية ـ فرنسية ـ بريطانية «حرب خليج مصغرة» للتدخل في الشأن النيجيري بحجة أن هناك خطراً على الدولة النيجيرية من جماعة مجهولة النسب يعجز أقوى جيش في إفريقيا عن مجابهتها، علماً بأن هذا الجيش أسندت له مهام خارج نيجيريا وقام بها بنجاح في ليبيريا وساحل العاج. إذن ما الجديد في أن تحتاج نيجيريا لقوات خاصة أمريكية ـ فرنسية ـ بريطانية لمحاربة حركة ـ ألا يدل ذلك على استغفال وعلامات استفهام كثيرة ـ وها هو الرئيس البريطاني كمرون يتكلم في مجلس العموم أن محاربة الإرهاب مسألة عالمية على غرار خطاب توني بلير في تزيينه لخطابه بأسلحة الدمار لغزو العراق.
ثم قراءة فيما يحدث في الصومال الذي حينما وصلت المحاكم الإسلامية للسلطة تحت رئاسة شيخ شريف تمت الإطاحة بالغزو الأمريكي/ الأثيوبي ثم جيء به مرة أخرى لحكم الصومال مع بروز حركة الشباب الإسلامي ثم دخول قوات يوغندية ـ رواندية ـ كينية وبرعاية وتمويل أمريكي ـ وأممي ـ الأمم المتحدة واليوم فإن «80%» من عمليات الشباب في الصومال في مقديشو وضحاياها من الصوماليين، بينما القوات المحتلة في سلام نسبي ولا تطول بنادق الشباب القوات المشتركة والخبراء الأجانب.
ثم نسمع عن جماعات في مصر باسم بيت المقدس وأجناد مصر لا تكاد تذكر لهم خلفيات تاريخية ولا عمليات ضد إسرائيل وثالثة الأثافي المقتلة بين الإسلاميين في سوريا، وعلى بعد أمتار منهم في الجولان القوات الإسرائيلية التي ينظرون إليها بسلام، ولم نسمع في تاريخ حركات الجهاد والمقاومة مثل هذه الصراعات الداخلية فمثلاً جبهة التحرير الجزائرية فقدت مليون شهيد ولكن لم توجه رصاصة واحدة ضد الجزائريين على خلافات بن خده وبومدين وبن بيلا.
ظاهرة الظواهر بروز حركات لا نعرف عن قياداتها ولا عن تاريخها شيئاً، ليس لها أدب مكتوب ولكنها تتحرك وتملأ الدنيا ضجيجاً والضحايا الأهالي المسالمون في نيجيريا ودارفور وأفريقيا الوسطى والصومال- الضحايا من المعذبين في الأرض، ليصبحوا نازحين ولاجئين، بيوتهم محروقة وأطفالهم ونساؤهم في العراء ولا نصير لهم. حركات تتحرك في الظلام وبدعم استخباراتي إقليمي وعالمي كبير، في مالي، وسوريا وأفريقيا الوسطى، ودارفور واليوم فإن معظم حروب العالم في الوسط الإسلامي والدول الإسلامية أليس لذلك دلالات.
< هذا هو حديث دكتور حسن مكي أول الأسبوع هذا..
< وهذا هو العالم اليوم حولنا.. بينما نحن ما نغرق فيه هو
: قال الصادق المهدي.. قالت المرأة المرتدة.