حوار البريد
.. وزحام هائل من الرسائل تثيره أحاديثنا عن الشرق.
.. والزحام يطلق آهة من وجد أحداً يصرخ بما في صدره من قلق وألم.
.. ثم رسائل أخرى يقول بعضها
: هل تعلم أن «99» في المائة من الشعب السوداني يعتبرك كلب الإنقاذ الضال؟!
.. ما ظننا أن المال يفعل هذا برجل يقترب من القبر.
ــ ولعلنا نقول للرسالة
: أستاذ
.. زحام الرسائل على موقعنا يجعل معرفتك بالرياضيات شيئاً يثير الحيرة!!
.. وحادثة صغيرة يعرفها رجال الأمن الاقتصادي تجعل لحديث القبر معنى آخر.. والحادثة نكتمها.
.. لكن حديثك يثيرها.
.. والعام الماضي ــ جهة ما ــ تبعث إلينا بحقيبة مغلقة.. تحمل ربع مليون من الدولارات.. وتختفي..
.. «رشوة».. وشبكة سوداء دقيقة تنصب لنا تحت حقيبة الدولار الأسود.
.. والحقيبة نجعل الأمن الاقتصادي يفحصها في مكتبنا ثم نجعله يذهب بها.. هذا هو ما نعده للقبر.
.. وصاحب الرقم 331؟؟ الذي يشاتمنا ونشاتمه نهار الإثنين.
.. والآخر الذي يهددنا بالقتل.
.. ورسائل وهواتف تتفجر ثناءً على ما نكتب كلها أشياء تجعلنا نعرف أن المجتمع «جاهز» تماماً لإصلاح كامل.
.. إصلاح يذهب فيه المجتمع لقيادة الدولة.
«2»
.. و«لص» في بورتسودان يصبح أنموذجاً للسوداني ــ والوعي الدقيق عنده.
.. وعصابة من أطباء أجانب ومن مواطنين سودانيين ــ عصابة تتصل بعمل سياسي واستخباري دولي ــ يكشفها لص هناك مساء الأحد.. الأسبوع هذا.
.. و«مساء» ــ «بالفعل».. فاللص كان يتسور منزلاً هناك منتصف الليل.
.. والظمأ يجعله يتجه إلى ثلاجة هناك.
.. يفتحها ــ ويفاجأ بما يتدفق منها.
.. أعضاء بشرية معدة «طبياً» للتعامل معها.
.. واللص يبلغ الشرطة.. وإحدى عصابات تجارة البشر تسقط.
«3»
.. والشبكة المنظمة التي يقودها «ع».. الذي له صلة بالإعلام.. والآخر «ج.أ.ج» الذي له صلة بالنقل والموانئ… والذي له شقيق يقيم في بلد عدو.. الشبكة هذه التي تنظم لتدمير إسحق فضل الله تعمل بسذاجة تثير الغيظ وإلى درجة تجعلنا نتطوع بتعليم السادة هؤلاء أسلوب تدمير الشخصية.. كيف هو.
«4»
.. وأستاذة ناهد ــ المجلس الوطني ــ التي ترعى شؤون المكفوفين تنهال علينا بدعاء حار وترسل الثناء للجهات التي تهدهد المكفوفين هدهدة الأمهات بعد استجابة رائعة للمكفوفين أمس.
.. وزحام ممن لهم أمهات راحلات تبكي رسائلهم عندنا.
.. وظاهرة حب السوداني لأهله ــ وصفات أخرى عنده أشياء تثير الأحاديث عن عيد الأم.. والأمهات والأكباد.
.. وتبكي عندنا أم فقدت طفلها الصبي «11 سنة» تئن.. وتئن.
.. ونغلق مكتبنا ونبكي.
.. نبكي طفلاً لا نعرفه ــ لكننا نعرف الكبد الموجوعة.
.. والحديث عن السوداني يقود إلى الراعي وقصته.
.. ونحدث المستمعين عن سوداني آخر وراعي آخر يكتب عنه «مالك بن نبي» ــ أضخم مفكر عربي ــ قال
: سوداني يرعى إبلاً لأحد الجزائريين في الستينات ــ الإبل خمسمائة ــ والراعي يختفي لعامين.
.. والإبل ذهبت ــ هكذا قالوا.
.. وبعد عامين يظهر الرجل بالإبل وقد تضاعف عددها ــ عرفوا أنه تاه في الصحراء ــ وأن معركته كانت هي إعادة الإبل هذه لصاحبها.
.. الرجل يسلم الإبل كلها ويختفي.
.. وليبيا ــ كل فرد في ليبيا ــ مدين للسودان بسلامة شرفه.
.. ففي أيام الحرب.. الفرقة الإنجليزية التي تضم كتائب سودانية تطرد الجنود الإيطاليين من أضخم مدينة في ليبيا.
.. عندها ــ الجنود الإنجليز يتقدمون «لاغتصاب» النساء الليبيات.
.. والمفاجأة تقع.
.. والكتائب السودانية بقيادة إبراهيم عبود يتخندقون ويشهرون أسلحتهم في وجه الجيش الإنجليزي ــ يقسمون ألا يصل إنجليزي إلى إمرأة ليبية إلا بعد أن يقتل آخر سوداني.
.. والمجموعات في ليبيا التي تتهم السودان الآن وتتعامل مع إسرائيل ضده مطلوب من أهلها أن يسألوا جداتهم عمن حفظ الشرف الليبي.
.. السوداني إذاً هو هذا.
.. جندي من هنا.. وراعي من هنا.. وحتى لص من هنا.
.. الحديث يأخذ بعضه بعضاً ليعبر بالسودان في كل مكان.
.. عندها نفهم لماذا تقوم خطة تدمير السودان الآن على «تدمير السوداني».
بريد
: أستاذ
في قبقبة ــ نحن من نحفر بحثاً عن الذهب تظل الشرطة تهدم بيوتنا.. لماذا؟
: أستاذ
في أم سيالة.. الناس والبهائم يقفون على حافة الآبار «يشمون» رائحة الماء والناس يسمعونني الآن وأنا أحدثك ــ يطلبون أن تنقل رجاءهم «للمتعافي» يطلبون صهريجاً.
: أستاذ
.. في المزموم أتطوع لتعليم الرياضيات «مجاناً» للتلاميذ حين أجد أن مستوى التلاميذ هناك متخلف جداً.
.. لكن المعلمين ــ صفاً واحداً ــ يرفضون ــ ويحتكرون إبقاء التلاميذ بعقول مغلقة.