عرمان: نريد المُشاركة في أعلى أجهزة الدولة
الحلو لا يملك رؤيةً أو برنامجاً سياسياً، ولا تأثير له في الساحة السياسية السودانية
سوداني نت:
أكد القيادي في “الجبهة الثورية السودانية” ياسر عرمان، أنه على الرغم من سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل الماضي، إلا أن مطالب الحركات المسلحة لم تنتفِ بعد، مؤكداً أنها تطالب بإعادة هيكلة الدولة وإقامة دولة المواطنة بلا تمييز، فضلاً عن استكمال شعارات الثورة الشعبية بإيجاد سلام حقيقي وعدالة، إلى جانب اعتماد مشروع سياسي اقتصادي ثقافي يجمع السودانيين ولا يفرقهم.
وأشار عرمان في حواره مع “اندبندنت عربية” إلى أن حركته تريد المشاركة في أعلى أجهزة الدولة، “على أساس يعكس التنوع السوداني، تكون كل الأقاليم ممثلة فيه، والعمل على حل لكل مشاكل السودان الكبرى التي لم تُحَل منذ الاستقلال”، رافضاً تحميل الحركة الشعبية مسؤولية انفصال جنوب السودان.
وقال إن “النظام السابق هو الذي فضّل أن يذهب جنوب السودان على مغادرة السلطة”، مؤكداً أنه ضد عودة الجنوب، لكنه مع الدعوة إلى إيجاد علاقة إستراتيجية بين الجنوب والشمال من خلال تأسيس مشروع كونفدرالية بين البلدين.
و أوضح عرمان أن “حديث المحاصصة مغلوط من جوانب عدة، وقال: ” قلت مرة حين حضرت ندوة في نهايات سنوات الجامعة لإدوارد لينو وهو من الشخصيات الجنوبية ذات الباع الطويل في العمل الديمقراطي في المدن، وكان يتحدث عن اتهامه بالمشاركة في انقلاب عنصري، أن المحاولة والاتهام في حد ذاتهما عنصرية، وأنا أقول أيضاً أن المحاصصة هي عنصرية واتضح ذلك من الطريقة التي شُكِلت بها حكومة (رئيس الوزراء عبدالله) حمدوك ومطالب بعض القوى التي كانت ترفض رفع شعار المحاصصة على سنّ الرماح”.
في المقابل، أكد عرمان أن “الجبهة الثورية” تريد المشاركة في أعلى أجهزة الدولة، “لأننا نريد أن تكون هذه الأجهزة مرآة للتنوع السوداني وأن تكون كل الأقاليم ممثلة فيه، لكن الأبعد من المحاصصة هو كيفية بناء نظام جديد يحل مشاكل السودان الكبرى التي لم تُحَل منذ الاستقلال، فضلاً عن إيجاد مشروع سياسي اقتصادي ثقافي يستطيع أن يجمع السودانيين ولا يفرقهم”.
وكشف عرمان على أنه لا يزال مؤمناً بمشروع الزعيم الجنوبي الراحل جون قرنق (السودان الجديد)، فقال إن “رؤية السودان الجديد هي العملة الوحيدة التي لا تزال صالحة، صحيح توقف قرنق عن الإدلاء بالبيانات والمؤتمرات الصحافية وحضوره الباذخ بعد غيابه، لكن تظل رؤيته هي الأنسب لتوحيد السودانيين، بل لربط العلاقة بين السودان وجنوبه من خلال اتحاد يجمع الدولتين المستقلتين، ومن ثم يُطرح هذا المشروع في المستقبل على دول الجوار، لأننا نريد أن نواجه تناقضات العالم الحديث وتناقضات بلداننا بطريق أوسع، وحسناً فعل حمدوك أن جعل جوبا أول محطة لزياراته الخارجية”.
وأكد عرمان أن الحال لن يصلح إلا بوضع مشروع يحتفي بالتنوع والمواطنة من دون تمييز وبالعدالة والديمقراطية وبالثقافات واحترام حق الآخرين، فهذه هي معضلة السودان الكبرى.
وعن إمكان عودة الجنوب إلى حضن الوطن الأم (السودان)، قال عرمان “لا ندعو إلى عودة الجنوب، هذه عبارة خاطئة، نحن ندعو إلى علاقة إستراتيجية بين الجنوب والشمال، لأننا لسنا أوصياء على الجنوب الذي اختار طريقه بالشهداء والدماء، ولكن يمكن أن نؤطر لمشروع كونفدرالية بين البلدين وهو المشروع الأنسب والأجدى”، داعياً في الوقت ذاته إلى فتح المنطقة الحدودية بين البلدين التي يقطنها نحو 10 ملايين نسمة، مؤكداً أن إغلاقها، هو جزء من تركة نظام البشير، “لذلك علينا رميه في البحر ونبدأ علاقات إستراتيجية تنطلق من الحريات الأربع، ووقف الحرب ووضع سياسات جديدة تؤسس لعلاقة قائمة على الإخاء والصدق والمصالح المشتركة”. وأعرب عن استعداده للإسهام في إقامة رابط بين البلدين بالقدر القليل من العلاقات التي يملكها مع قادة وشعب الجنوب”.
وتناول عرمان تجربته مع الحركة الشعبية وما حققه من أحلام، موضحاً “لم أصل حتى الآن إلى ما تمنيته، وما زلت أحلم، فأحلامي لا تسقط بالتقادم، فهذا المشروع اخترته بنفسي مع سبق الإصرار والترصد، فهو مشروع فكري وثقافي لن ينتهي مهما كانت تقلبات الأوضاع، بل سيذهب خلفه أجيال بعد أجيال”.
ونفى خضوعه لضغوط من قيادة الحركة الشعبية للانسحاب من سباق الرئاسة ضد الرئيس السابق عمر البشير في عام 2010، لافتاً إلى أن أحد أهم أسباب انسحابه هو “اكتشافه خلال زيارةٍ الى دارفور أن معظم سكانها لم يسجلوا أسماءهم للمشاركة في هذه الانتخابات لأنهم لم يتوقعوا أن يكون هناك مرشح ضد البشير بهذه الجدية، وكذلك من الأسباب أيضاً أن الحركة عانت من اختلال بعد رحيل قرنق ولم تهتم بالتحوّل الديمقراطي ما جعلها تهتم بالقضايا التي تهم الجنوب نتيجة لموقف القوميين الجنوبيين”.
ورأى عرمان أن قرار الانسحاب “لم يأت وفق رؤية متكاملة من الحركة بل جاء في آخر لحظات الانتخابات نتيجة لاستفزازات قام بها علي عثمان محمد طه نائب الرئيس السابق عمر البشير ضد قيادة الحركة الشعبية، إضافة إلى اعتقادنا بأن المؤتمر الوطني لن يسمح بتنظيم استفتاء على حق تقرير المصير للجنوب، فتقديراتنا السياسية أوصلتنا للانسحاب”.
وقال عرمان أن خلافهم مع عبدالعزيز الحلو الذي أدى إلى انقسام الحركة الشعبية إلى جناحَي الحلو ومالك عقار لم يكن يستدعي تلك النتيجة، مشيراً إلى أن الحلو الذي كان نائباً لرئيس الحركة آنذاك مالك عقار، انقلب على الرئيس وعلى كل أجهزة الحركة، وبالتالي أضعف الحلو الحركة ولم يقدم شيئاً جديداً وهو لا يملك رؤيةً أو برنامجاً سياسياً، ولا تأثير له في الساحة السياسية السودانية.
ونوّه عرمان بأنه حاول طرح تقرير المصير لمنطقة جبال النوبة. وأضاف “قلنا إن حق تقرير المصير الإثني لا يمكن أن يُطبَق على جبال النوبة التي تضم قبائل عربية وأخرى غير عربية، بل سيشعل هذا الموضوع حرباً جديدة في المنطقة، ولن يفي بطموحات أهالي جبال النوبة. انقسام الحركة الأخير ليس جيداً ولا أحد يحتفي به، وبنظري تحتاج الحركة إلى تجديد كامل لمشروعها لأن الفشل أصابه منذ انفصال الجنوب، كما نعتقد أن مرتكزات الحركة الشعبية ما زالت مهمة بالنسبة إلى القوى السياسية السودانية”.