سوداني نت:
دون أي تحيز أيدولوجي و دون أي تعصب مذهبي و دون أي مناصرة لعواطف كيف لنا أن نبني قواعد وطنية متينة تنطلق منها أجيالنا القادمة ؟؟؟
انظر إلى أوروبا كيف انطلقت و سادت حضارتها بعد إن عاشت حروبا و تدميرا و أحقادا و عنصريةً راح ضحيتها أكثر من مائتي مليون أوروبي …
نعم أوروبا التي نراها الان كان تاريخها حالك الظلام و لا يتخيله بشر وقد سادت فيها ثقافة القتل و السحل و الاغتصاب و سلخ الانسان لبس جلده و الطواف برأسه على الجموع و قد أبيد الشعب الألماني بأكثر من النصف تماما في حرب الثلاثين عاما …
و لكن أوروبا الان بعد كل تلك الحروب الدامية و الإبادات الجماعية و التاريخ الأسود رجعت كدولة واحدة تتطوف في اكثر من خمسين دولة بفيزا واحدة بل و تلاشت الحدود و الجمارك في اكثر من ستة و عشرين دولة منها فترى المنزل نصفه في دولة و النصف الاخر في أخرى ( بلجيكا و هولندا ) كما أن الشارع ( 15 متر ) يفصل بين دولتين كل دولة ترصف ما يليها ( 7.5 متر ) مثل فرنسا و سويسرا …
و جاء بعد ذلك جسم الاتحاد الأوروبي الذي وحد الاقتصاد و العملة و قوانين العمل و التملك و الإقامة و العبور و قوانين المجتمع حتى صارت تلك العرقيات المتناحرة و القوميات المتشاحنة شعبا واحدا ووجدانا متحدا …
و الصين التي يبلغ سكانها المليارات من الانفس ازدهرت و فرضت نفسها في سوق التكنولوجيا و الأجيال الرقمية مع أنها ما زالت ذات عرقيات مختلفة و ديانات متقاطعة وهي مازالت حتى الان لا تعرف الديمقراطية و الحريات الزائفة التي يفرضها الغرب و مؤسساته العالمية على الشعوب الضعيفة و الانظمة الهشة امعانا في تمزيق تلك الشعوب و استعبادا للأنظمة …
وروسيا ظلت تحتفظ بقوتها العسكرية و الاقتصادية و قوتها السياسية برغم من كبتها لإنسانها و برغم من العنصرية الموجودة فيها …
ذلك التقدم و الاستقرار لم يأت نتيجة صدفة و إنما جاء بعد عمل صادق و نية خالصة و صبر قاسي و عظمة حقيقية من قادتها و نخبها السياسية و الاجتماعية …
أما نحن في السودان فما زلنا نتقاتل على السلطة و التي نسعى لها و بكل أسف من أجل أن نقتات فقط و أكرر من أجل أن نقتات …
لم تكن الأجندة الوطنية حاضرة لدى معظم السياسيين منذ تكوين الدولة السودانية و حتى الان بل الان الصراع أشد ضراوة ً من ذي قبل …
حيث يفصل الموظف من وظيفته لا لجريرة إلا أن انتماءه السياسي مخالف للنخب الحاكمة أو أن حزبه الذي كان حاكما فعل ذلك و لا فرق ما بين ما فعلته الإنقاذ ( الصالح العام ) وما فعلته حكومة قوى الحرية و التغيير ( ازالة التمكين و التمكين ) و تدور عجلة التشفي و الانتقام دون أي مراعاة للبلاد و العباد …
و حتى النخب السياسية التي تدعي العلم و المعرفة اصبحت بوغا تمجد أقوامها و تصيح في معارضيها صيحات اللعن و الشتم و السب و اثارة الكراهية دون للوطن و مستقبل الأجيال …
لم ندع لترك المحاسبات التاريخية ولم ندع لمسامحة الظالمين و المفسدين و الخائنين و اصحاب الجرائر الوطنية فتلك حقوق لابد من نيلها و القصاص فيها بالعدل المستقيم …
لابد من وضع العدالة و نصب موازينها بقيام كافة مؤسساتها و سن كافة شرائعها التي تضمن استمرارية عدالتها و تحفظ إطارها الحقوقي و الجنائي …
و لكننا ندعو الى اعلاء الأجندة الوطنية و اسقاط ما سوى ذلك و ندعو الى المسئولية التاريخية و اسقاط ما سوى ذلك و ندعو للإحساس بشراكة الاخر في الوطن و اسقاط الانانية الفردية و الجماعية و ندعو إلى صناعة المستقبل و الاستفادة من عثرات الماضي و أخطائه لا أن تكون لنا هذه العثرات و الأخطاء عائقا …
و ندعو إلى اسقاط ( سنة السواقط ) و التي تدعو إلى اسقاط الماضي في الحاضر ليكون وقودا في تدوير الأزمة السودانية و اثارة الكراهية و إشعال العنصرية الايدلوجية و الاجتماعية …