سوداني نت:
ورد في تاج العروس أن المسيب بن علي مر بمجلس بني قيس بن ثعلبة، فاستنشدوه فأنشدهم، وطرفة بن العبد حاضر معهم وقد كان يافعا، وعندما وصل المسيب إلى هذا البيت:
وقد أتناسى الهمّ عند احتضاره
بناجٍ عليه الصيعريـة مكـدم
قال طرفة: لقد استنوق الجمل، وذلك لأن الصيعرية من سمات النوق دون الفحول، فغضب المسيّب وقال: من هذا الغلام؟! فقالوا: إنه طرفة بن العبد، فقال: ليقتلنّه لسانُه، فكان كما تفرّس فيه، وصار قول طرفة مثلاً.
لاغرو أن الدكتور جبريل إبراهيم مؤهل أكاديميا لمنصب وزير المالية، وهي بلا ريب من أعمدة الوزارات في كل حكومة وفي أي دولة، لكنها في حال السودان الآن؛ تعد قاصمة لظهر أفضل علماء الإقتصاد والمال على وجه الكرة الأرضية.
الذي وردني أن الدكتور جبريل إبراهيم لم يختر هذه الوزارة بذاتها، ولا أحسب التسريبات التي نُسِبَت لحركته بأنهم فضلوها على وزارة الخارجية لصحيحة، فقد بدا جليا بأن مكونات الجبهة الثورية هي التي دفعت بالرجل لاعتلاء مقعد هذه الوزارة، وللعلم فإن اتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة الانتقالية في السودان والفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية قد احتوت على 8 بروتوكولات تتعلق بالآتي:
1- العدالة الانتقالية والتعويضات.
2- ملكية الأرضّ.
3- تطوير قطاع المراعي والرعي.
4- تقاسم الثروة والسلطة.
5- عودة اللاجئين والنازحين.
6- منح الجبهة الثورية 3 مقاعد في مجلس السيادة الانتقالي، و5 وزراء في الحكومة التنفيذية، إلى جانب 75 مقعداً في البرلمان الانتقالي.
تمديد الفترة الانتقالية 39 شهراً، تسري بالتوقيع النهائي للسلام (أمس).
7- دمج مقاتلي الحركات المسلحة في الجيش السوداني على 3 مراحل، تنتهي بانقضاء أجل الفترة الانتقالية.
8- منح 40 في المائة من السلطة في إقليم دارفور لمكونات مسار دارفور، و30 في المائة إلى مكونات السلطة الانتقالية، و10 في المائة لحركات دارفور الموقعة على هذا الاتفاق، و20 في المائة من السلطة لأهل المصلحة. وتم تخصيص 20 في المائة من الوظائف في الخدمة المدنية والسلطة القضائية والنيابة العامة والسفراء للجبهة الثورية.
وقد استثنى الاتفاق قادة الحركات المسلحة من المادة 20 بالوثيقة الدستورية التي تحرم كل من شغل منصباً في السلطة الانتقالية من الترشح في الانتخابات المقبلة.
ومن أبرز الحركات المسلحة الموقعة: حركة العدل والمساواة، التي يقودها جبريل إبراهيم، وحركة جيش تحرير السودان، بزعامة مني أركو مناوي، الحركة الشعبية شمال، بقيادة مالك عقار، بجانب فصائل أخرى صغيرة منضوية في تحالف الجبهة الثورية.
وقج
وقد غاب عن التوقيع كل من الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور.
لقد تم تقدير المبالغ التي ينبغي أن تصرف لتحقيق بنود هذه الاتفاقية ب7.5 مليار دولار خلال عشر سنوات، هذا ما أعلنته وزيرة المالية المكلفة السابقة هبة أحمد علي.
ولعل الجبهة الثورية ارتأت بأن أيلولة وزارة المالية اليها يضمن لهم أولوية الصرف كما يودّون.
وجبريل بقبوله بالوزارة؛ لا أخاله فكر جيدا في الأمر، فالاقتصاد السوداني قد وصل مرحلة من السوء بأن أصبح قاب قوسين أو أدنى من حافة الانهيار، ومعلوم بأن أبواب الصرف في العاصمة مشرعة ومفتوحة ضلفتين، وبلا جدال لن يكون في مقدور أي وزير للمالية إغفال الصرف على متطلبات المركز، فهو الذي يسقط الحكومات، لذلك سيصبح ذلك أهم أوجه الخلاف بينه وبين رئيس الوزراء ومجلسه وحضارته، وكذلك المجلس السيادي، والمثل الإنجليزي يقول crying baby gets milk
فحراك الشباب في الطرقات لن ينقطع، وها أنت تغرد اليوم واعدا بأنك ستقضي على كل الصفوف!، كيف لك يا دكتور جبريل إنجاز وعدك هذا وزملاءك في الجبهة الثورية ينتظرون منك مايصل إلى الملياري دولار كل عام، للصرف على بنود اتفاقية السلام؟!
ياترى هل انت من المقتنعين برؤية حمدوك الذي يبني (كل) آماله على أموال الأمم المتحدة؟!، فحمدوك يرى بأن من واجب فولكر بيرتس رئيس البعثة الأممية (يونيتامس) الصرف على السودان، قال ذلك وهو يبرر إرساله لخطاب الشهير لاستدعائها تحت البند السادس؟!.
أم تراك يحدوك أمل في هِبَاتٍ مِنْ دول العالم، وهي التي لاتكاد تمتلك ثمن لقاحات كوفيد 19؟!
أم تراك لاتعلم بأن؛ لا حمدوك، ولا حاضنته يمتلكان برنامجا اقتصاديا، ولا خطة، بل ولا -حتى- ميزانية تطلق الضهر!، ولايلوح في الأفق، أي مسعى منهم لإقامة مشروع انتاجي واحد، يسهم في استجلاب عملة صعبة تكبح من جموح وتسارع قيمة الدولار، ومعه اسعار السوق، وكل ما يلي معاش الناس؟!.
ثم ماذا تراك يا جبريل فاعل في الخلاف الحائق برفع الدعم وبقائه؟!
لقد تسرعت يا دكتور جبريل، وأخشى أن يكون لسان حال المشفقين عليك؛ قول طرفة بن العبد للمسيب بن علس، بأن (استنوق الجمل).
إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٣١)
إضغط هنا للمحاولة في بقية مجموعات الواتساب من (١) حتى (٣٠)
إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام
تابعنا على “أخبار قووقل”
