ما زالت (أزمة السيولة) تحكم بخناقها علي المواطن في ظل عدم وجود اي تفكير خارج الصندوق يعيد الامور الي نصابها الصحيح.
السياسات الاقتصادية والمالية الاخيرة التي كان المراد منها مكافحة مضاربات العملة والقضاء علي السوق الأسود لم تفعل اكثر من تعزيز نشاط هذه التجارة بعد ان اعترفت ( آلية صناع السوق) بسطوة تجار العملة ومضت في مسايرة اسعارهم الامر الذي أدخل الدولار (شارع الستين) بعد ان وصل سعره في اسوأ الاحوال الي (نهاية الأربعين) .
مازال تجار العملة يحكمون سيطرتهم وقبضتهم علي السوق والسبب ان شح السيولة ادي كذلك الي شلل تام في تعامل المصارف مع طلبات الجمهور لاستبدال العملات الحرة ، طبعا لن نتحدث عن حصولهم علي نقد اجنبي فمثل هذا الطلب يمكن ان يجعلك (مضحكة) امام موظفي البنوك.
أسوا مافعلته أزمة السيولة لا يكمن في تعطيل القطاعات الانتاجية وشل حركة العمليات التجارية وتوقف حركة السوق ومضاعفة معاناة المواطن فحسب ، الاسوأ من كل هذا المضاربات في العملة المحلية ، لكم ان تتخيلوا اننا نريد مكافحة سوق الدولار فننشئ سوقا موازيا لبيع العملة المحلية.. عجبي.
من الممارسات السائدة الان بيع (الشيك) مقابل (الكاش) وبارباح عالية اوجدت سوقا للشيكات خارج البنوك واسفرت عن ممارسات خطيرة انتجت مستفيدين جدد من ازمة السيولة.
التجار اصحاب (الكاش) اتخذوا من بوابات المصارف سوقا لاستلام (الشيك) مقابل (الجنيه الحي) وبفوائد مجزية ، لا ادري تكييف الشرع لمثل هذه التجارة ولكنها تمارس علي عينك ياتاجر واما مراي ومسمع الجميع.
بالامس كان احدهم يهم بتحويل مبلغا ماليا الي احدي المدن في الولايات ، العاملون في هذا المجال يطالبونك بالسداد (كاش) قي الخرطوم والحصول علي (المقابل ناقص 20%) ، اذا حولت مئة الف ستستلم المبلغ 80 الف من الجنيهات وهكذا.
اصبحت الاسر توظف بطاقة الصراف الالي في شكل مجموعات تسحب ما يوفر قيمة شراء مبالغ دولارية تبيعها في السوق السوداء بالشيكات وتدخلها الحساب البنكي وتتحصل علي ما تريد بترصد الصرافات فهناك خبراء يعلمون متي تعبئها البنوك بالاموال .
كل ما يحدث الان من مخاطر تهدد الاقتصاد الوطني وتضربه في مقتل وتضاعف من معاناة المواطن جاءت نتيجة لتداعيات (شح السيولة)، الداء الذي فتك بالوطن واهله كثيرا ومازال يعدنا بالويل والثبور وعظائم الامور.
اخشي ان تضطر الحكومة لسن (قانون لمكافحة بيع العملة المحلية)، اسوة بقانون التجارة في النقد الاجنبي الذي احالته السياسة الجديدة وعبقرية( الية صناع السوق) الي المتحف بعد اعترافها باسعار السوق الموازي للدولار وبنائها علي ارقامه التي قفزت بالدولار الرسمي من (30) الي (تخوم الخمسين جنيها).
للاسف فشلنا في محاربة السوق الموازي وانشأنا في سابقة هي الاولي من نوعها (سوقا اسود) للعملة المحلية.. لامناص من تفكير خارج الصندوق يحل ازمة السيولة قبل ان نتحدث عن اية معالجات للتشوهات الاقتصادية او تعزيز قيمة الانتاج، عالجوا ازمة السيولة لينصلح حال الاقتصاد، نتمني ان لا نسمع قريبا ان جنيه الكاش اصبح بجنيهين مقابل جنيه الشيك.