سوداني نت:
لا احد يرفض المعاهدات و الاتفاقيات التي تجريها الحكومات السودانية المتعاقبة مع الدول الاخرى كي يخرج السودان من عزلته و حصاره الجائر …
و لا احد ابدا لا يشجع السعي الحثيث نحو معالجة اختلال السياسة الخارجية السودانية بما فيها العلاقة مع امريكا و اسرائيل نفسها …
و لكن يجب ان تنطلق كل السياسة الخارجية للسودان من منصة كرامة و عزة الشعب السوداني و ان تستصحب معها حقوق الشعب السوداني التي انتهكت عبر التاريخ القصير و الطويل …
فلماذا تكون دماؤهم غالية و سيدة كل تفاوض و تبقى دماؤنا رخيصة لا يرد ذكرها عند اي تفاوض ؟ و لماذا تغيب مصالحنا في اجندة الحوارات و تكون مصالهم هي شرط لأي تطبيع ؟
ذلك لم يكن إلا لسبب واحد فقط وهو ضعف المفاوض الذي ادعى زورا انه يتكلم باسم الشعب السوداني وفي حقيقة الأمر هو يمثل من يفاوض و يجلس مع سيد نعمته و الشعب السوداني بريء من مثل هذا النوع …
عندما ضربت الطائرات الاسرائيلية شرق السودان اكثر من مرة فانها لم تنتهك كرامة الإنقاذ التي كانت تحكم آنذاك بل انها انتهكت كرامة السودان كله و قلت ابريائه و دنست أجواءه و جرحت كبرياءه …
و عندما دمرت امريكا مصانع الخرطوم اكثر من مرة فانها لم تضرب عمر البشير السوداني و لا احد وزرائه السودانيين فقط بل انها سفكت الدم السوداني كله و شنقت كبرياء الروح السوداني كله …
و عندما حاصرت الولايات المتحدة السودان اكثر من ربع قرن و منعت الدواء و الغذاء عن شعبنا الأبي فإنها لم تحاصر الموتمر الوطني فقط بل ازهقت بذلك الحصار أرواح الأبرياء من الأطفال و النساء و الشيوخ في السودان كله …
و عندما أشعل الغرب حرب دارفور و فتن الأشقاء السودانيين فيما بينهم و ودفع السلاح سخيا للطرفين فانه لا يريد ان ينتصر فريق على فريق بقدر ما انه يريد إبادة الجميع و تحطيم قدرات و مقدرات البلاد و يسوقها في نهاية المطاف الى اجندته الخاصة و بدون اي مراعاة لحرمة الدماء …
و كل تلك الانتهاكات و الفضائع ضاعت في الفضاء و تبخرت من ذاكرة المفاوض السوداني للحكومة الانتقالية اذ أنه لم يضعها على طاولة التطبيع حتى ولو من باب ( الهجوم من اجل الدفاع ) أو من باب حفظ ماء الوجه او من باب التكتيك التفاوضي …
بل إن تهافت الانهزامية كان طابعا سيدا لم يخفه رئيس و لا وزير مما جعل أحدى مهيرات السودان تقول ( اخا و يخسي يا أولاد أمي على الخيبة و ضياع الهيبة ) …