سوداني نت:
• من مفارقات السياسة في السودان ما تعيشه وتعايشه قوي الحرية والتغيير هذه الأيام..
• هذه القوي المصنوعة تتجرع كأس شعاراتها الثورية التي أطلقتها في لحظات هياج ثوري ورفعت عبرها وبها سقف توقعات الجماهير وأشواقها.. وفي ذات الوقت وضعت متاريس في كتاب السلم الاجتماعي.. لن تزول في القريب العاجل ومنها مثالاً لا حصراً محفزات الكراهية التي صبغت مسيراتها ومليونياتها التي كانت تخرج بين يوم ٍ.. ويوم !!
• قوي الحرية والتغيير المغلوبة علي أمرها ومصيرها أطلقت مسمي (حركات الكفاح المسلح) علي حركات التمرد المسلحة التي كانت تحارب الحكومة المركزية في السودان.. وهي بالمناسبة ليست حكومة الكيزان، ولكنها حكومة السودان..
• ابتلع قادة وجنود القوات المسلحة مسمي حركات الكفاح المسلح علي مضض.. وصمتت قيادة الجيش السوداني مكرهة وأنحنت للعاصفة تجنباً لهيجان الشارع الذي عبأته الحرية والتغيير..
• مما يتعجب له المراقب السياسي أن قوي الحرية والتغيير لم تكن ترغب مطلقاً في عودة الحركات المسلحة لتكون جزءاً من الحاضنة السياسية للحكومة ناهيك أن تكون طرفاً أصيلاً في الجهازين التشريعي والتنفيذي بنسب تتجاوز ما كانت تحلم به قوي الحرية والتغيير وتخطط له!
• كانت قوي الحرية والتغيير تتوقع أن تبقي الحركات المسلحة في الهامش البعيد حتي تهيمن النخبة المركزية داخل هذا التجمع المصنوع علي مقاليد الأمور وتبقي الحركات المسلحة باسم التدليل السياسي اكسسواراً لتجميل ثوب المكاسب السياسية للحرية والتغيير !
• فوجئت قوي الحرية والتغيير أنها أمام قيادات تعرف دروب وأسرار الملعب السياسي.. ربما لم تكن قحت تعلم أن أكثرية قادة الحركات المسلحة الذين كانوا يفاوضونها قد تخرجوا في ساحات الجامعات السودانية.. وكثيرون منهم اكتسبوا تكنيك وبراغماتية التفاوض من أيام جولاتهم مع جهابذة الكيزان !!
• اليوم.. وبعد التوقيع علي اتفاقية سلام جوبا بعيوبها ونقاط ضعفها الواضحة والبائنة.. بعد هذا التوقيع ستجد (قحت) نفسها في موقف لا تحسد عليه.. هاهي الحركات المسلحة ستقاسمها الحاضنة السياسية وستجلس معها كتفاً بكتف داخل مجلس الوزراء .. وستضيق عليها الخناق في الولايات.. وستناكفها في المجالس التشريعية !!
• هذا سيناريو لم تكن تتحسب له قوي الحرية والتغيير ولكنه حدث.. هاهي قوي الكفاح المسلح التي كانت تغازلها قوي الحرية باسمها هذا.. هاهي وجهاً ..لوجه أمام قحت في كرسي السلطة.. وكافتيريا الحاضنة السياسية !!
• ليس غريباً أن تتحول قوي الحرية والتغيير إلي الغابات والأحراش لتقود الكفاح المسلح ضد الحركات المسلحة التي ستكون قريباً تحالفاً حاكماً له صولجان وسارينا !! عندها ستتحرك كوامن الغيرة عند النخب المركزية ولن تعدم لغة النقد والشتم الجديدة لقوي وحركات الهامش التي اختطفت منهم السلطة ومركز التأثير حين غفلة !!
• مصاعب كثيرة تنتظر القدامي والقادمين.. المعركة القادمة ستكون كمين أبو لستك.. سيتكشف بعد قادة الحركات (التي تحتاج لاسم سياسي جديد بعد أن صارت تحالفاً مشاركاً في السلطة)..
• أول كمين ينتظر القادمين هو تحدي المال.. المال.. المال.. لا توجد مشكلة في توزيع المناصب.. المكاتب.. والسيارات وغرف الفنادق..
• كمين ثاني هو كمين اسمه الحكم الاتحادي وهو بيضة أم كتيتي التي تتنظر الجميع.. الحكم الإتحادي هو أحد الخوازيق الإستراتيجية التي نصبها حكم الإنقاذ في السودان.. خوازيق ستبقي لعقود قادمة لأنها صارت ملكاً للمجتمع السوداني وليس ملكاً للكيزان.. الحكم الإتحادي هو أحد هذه الخوازيق والتي تتلازم معاً في سلسلة طويلة تجمع قناعة المجتمع السوداني بالإحتكام الي القوانين الإسلامية.. وحقهم في التوسع الرأسي والأفقي في التعليم العام والعالي..
• هذه مكاسب تعجلت قوي الحرية والتغيير في نزعها ظناً منها بأنها من آثار النظام البائد بيد أنها اكتشفت أن الأمر أكثر تعقيداً مما تظن!!
• تحتاج الحركات المسلحة التي قبلت بالدخول في اتفاق سلام لم يجمع عليه كل أهل السودان.. تحتاج هذه الحركات إلي تعقل شديد وأن تتحسب لمكائد الحرية والتغيير التي لن ترضي بأن تكون في الهامش بعد أن أحرقت كل المراكب المصنوعة !!